الزواجُ من جَدَّتكَ سيُحطِّم كلَّ مراحيضِ العالم
العدد 249 | 14 تشرين الثاني 2019
راسل إدسن


 

ولدي العزيزُ

 

رجلٌ قرأَ مسرحيةً إغريقيةً، افتعلَ شجاراً مع أبيه، وانتهى به الأمرُ إلى أن يطلبَ يدَ أُمِّهِ للزواج.

أوه، لا، يا ولدي العزيز، لا يمكنُ الأُمُّ الزواجَ من شيءٍ خرجَ من جَسَدِها. سيكونُ هذا أشبه بالزواجِ من غائط.

وماذا عن أبي، فلقد تزوَّجتْهُ، أولم يكن غائطاً؟

نحنُ جميعاً غائطٌ، ولكنْ، حين نتزوَّجُ نصبحُ غائطاً منقولاً. لقد كان غائطُ جدَّتكَ قبل أن يكون غائطي. حين تتزوَّجُ ستصبحَ غائطَ أحدِهِم المنقول ..

هل يعني هذا أنني أستطيعُ الزواجَ من جَدَّتي، وأصبح غائطَها المنقول؟

أوه، لا، يا ولدي العزيز، الزواجُ من جَدَّتكَ سيُحطِّم كلَّ مراحيضِ العالم، ولن يكونَ في الكونِ برمَّته ورقُ حمَّام يكفي لمَسْحِ العار …

 

حُبٌّ

 

رجلٌ، إذ أصابَهُ الحُبُّ على حين غِرَّة، صحبَ نفسَهُ إلى ماخور، لكي يجدَ لنفسِهِ عروساً. فقيل له إن الشَّابَّاتِ لسنَ للبيعِ، بل يُؤجَّرنَ بالساعة: عشرون دولاراً، إضافةً إلى ضريبةِ المدينةِ والولايةِ والاتِّحاد الفدراليِّ. أمَّا البطاطسُ المَقلِيَّةُ والكوكا، فتأتي بكلفةٍ إضافية.

لكنني وقعتُ عميقاً في الحُبِّ، قال.

أوه، صرختِ المدام. هنا يكمنُ الفارقُ كلُّه. ربَّما تكونُ مهتمَّاً بسيِّدة مستعمَلَة في الثمانين. لقد تبقَّى لها بضعة أميال، ولكنْ، مع إطاراتٍ جديدةٍ وبعضِ أحمرِ الشِّفَاه …

بكم؟

دولارٌ ونصفُ الدولار، إضافةً إلى ضريبةِ المدينةِ والولايةِ والاتِّحاد الفدراليِّ. أمَّا البطاطسُ المَقلِيَّةُ والكوكا، فتأتي بكلفةٍ إضافية.

 

التجريدُ العظيمُ أو القصَّةُ غير المكتملةُ لكلِّ شيءٍ

 

امرأةٌ شعرتْ بحركةٍ في أمعائِها. ابتسمَ الطبيبُ المناوِبُ وقال، طفلُكِ سيكونُ أوَّلَ طفلٍ يُولَدُ دون سُرَّة.

أيعني هذا أنني فزتُ بجائزة؟ سألتْهُ المرأة.

لستُ متأكِّداً من ذلك، أجابَ الطبيب.

لستَ متأكِّداً؟ لمَ أتجشَّم عناءَ الأمر إذنْ؟ قالت المرأة.

لأنه في نهايةِ المطافِ. سيِّدتي العزيزةَ، الأمورُ تحدثُ في لقاءٍ تجريديٍّ بينما القَدَر والجوهرُ يلتقيان، ليرويا قصَّةَ كلِّ شيءٍ.

هل هذا يعني أنني لن أحصلَ على جائزةٍ؟ قالت المرأة.

لستُ متأكِّداً.

متى ستكونُ متأكِّداً؟

حين يلتقي القَدَر والجوهرُ، وتُكتَبُ القصَّةُ الكاملةُ لكلِّ شيءٍ.

متى سيحدثُ ذلك؟

حين يلتقي القَدَر والجوهرُ، وتُكتَبُ القصَّةُ الكاملةُ لكلِّ شيءٍ.

ومتى سيكونُ ذلك؟

نأملُ أن يكونَ في أيِّ يوم الآن ….

 

الرجلُ ذو الرغبةِ المفاجِئةِ في النُّباحِ على القمر

 

كان يتطوَّرُ إلى المرحلةِ الرِّيشيَّة من عمرِهِ. في البدايةِ، زغبٌ قليلٌ وسطَ الصدرِ. ثمَّ بدأَ بعضُ الريشِ ينبتُ من مِرفَقَيْه.

تساءلَ ما إذا كان ثمَّة طائرٌ ما في تاريخِ العائلة؛ سَلَفَ ما لا أحدَ يأتي على ذِكْره. ربَّما نعامةٌ أو طائرٌ نمنمة.

في أيَّة حال، حَرِيٌّ به أن يستعدَّ ذهنياً لنُمُوِّ منقارٍ مكانَ أسنانِهِ، وجناحَيْن مكانَ ذراعَيْه، وأصابعَ حرشفيَّةٍ مكانَ قَدَمَيْه …

ولكنْ، بينما هو يتطوَّرُ ليصيرَ طائراً، حَدَثَ أمرٌ مُفاجِئ، وبدأ يتحوَّلُ كلباً مع رغبةٍ مفاجِئةٍ في النُّباحِ في وجهِ القمر …

لا معنى لذلك، فكَّرَ الرجلُ. أن يتحوَّلَ طائراً أمرٌ، ولكنْ، أن يتوقَّفَ عن أن يكونَ طائراً بعد أن كادَ يبلغُ ذلك، وأن يبدأَ بأن يصيرَ كلباً، فهذا أمرٌ لا معنى له على الإطلاق …

 

المواطنُ الفخورُ

 

رجلٌ مُسِنٌّ كان فخوراً بأنه أنفقَ سنواتِ عمرِهِ، مثلما أنفقَ أنفاسَهُ وكراسيَّهُ المعدنيةَ، دون أن يكونَ قد قَتَلَ أحداً.

تساءلَ ما إذا كان يجدرُ به إبلاغُ الشرطةِ بذلك، آملاً أن يتمَّ استقبالُهُ بالصَّفَّاراتِ وأضواءِ السَّيَّاراتِ الغامزة، تعبيراً عن الامتنانِ لصنيعه.

سيُفسِّرُ لهم أنه قد سَنَحَتْ له فرصٌ عديدةٌ، وأن الأمرَ لم يكن سببَهُ الكسلُ فحسب؛ أن الفضيلةَ دون غوايةِ الخطيئةِ، تكادُ لا تستحقُّ اسمَهَا …

 

القردُ الخارقُ

 

كان يَخلقُ قرداً خارقاً عبر مَزْجِ قِطَعٍ من بَبَّغَاءٍ ميت وحمار مُبنَّجٍ بالمورفين.

حين أفاق الحمارُ كان مُغطَّى بريشٍ أخضرَ، وله منقارٌ. وكان أوَّلُ ما قالَهُ، بولي يريدُ رقائقَ البسكويت.

إنه حَدَثٌ تاريخيٌّ! هذا أوَّلُ حمارٍ يقولُ ذلك على الإطلاق!

وهكذا يحصلُ القردُ الخارقُ على كلِّ رقائقِ البسكويت التي يستطيعُ القردُ الخارقُ أَكلَها، حتَّى يسأمَ القردُ الخارقُ من رقائقِ البسكويت، ويقولُ، بولي يريدُ موزةً. وهو ما سيُعَدُّ كلاماً تاريخيَّاً آخرَ قابلاً للاقتباس!

ثمَّ سيبدأُ العملُ على القردِ الخارقِ جدَّاً الذي، مع دَمْج القِطَع المناسبةِ، سيكونُ قادراً على الغناءِ كَكَنَارِيٍّ…

 

شِعْرٌ

 

سوف تسمعُ صوتَها؛ إلهةُ الإلهامِ؛ تقرعُ البابَ ثلاثَ مرَّات. بعد ذلك لا تقرعُ أبداً …

كلمةُ السِّرِّ: عَبَث.

هذا يُطلق السِّرُّ الذي يُخفي الرسالةَ الأخيرة.

ستجلسُ في الظلمةِ منتظِراً الدَّقَّاتِ الثلاث. لا يخدعنَّكَ مجيءُ الخَنَانِيْصِ الثلاثة، أو الشيخُ الذي يأتي مترنِّحاً على عكَّازتِهِ. ذلك الذي يقتلُ السفينكس في نهايةِ اللعبة.

التمام عَبَث، ومن دونِهِ يصبحُ طريقُ الرسالةِ محتشِداً بالمعنى، وغموضُ كلِّ شيءٍ يصبحُ في كلِّ مكان…

 

_______

القصائد من كتاب “شمس تدخل من النافذة وتوقظ رجلاً يسكب القهوة على رأسه” الصادر أخيراً ضمن سلسلة “مختارات الشعر الأمريكي” عن “منشورات المتوسط” في ميلانو.

*****

خاص بأوكسجين


أحد أعمدة قصيدة النَّثْر الأميركية والعالمية (1928 – 2014) من مجموعاته الشعرية: "انظرْ جاك"" (2009)، و""زوجة الديك"" (2005)، و""المرآة المعذّبة"" (2001)، و""النفق: قصائد مختارة"" (1994)، و""الإفطار الجريح"" (1985)، و""السبب الذي يجعل رجل الخزانة لا يعرف الحزن"" (1977)."