إعادةُ تصويرحديقةٍ مكتئبة
العدد 215 | 04 تموز 2017
فتحية الصقري


صباحُ الخيرِ، أيُّها الكسل

صباحُ رنَّتِكَ الناعمة

تعالَ اليومَ، وغدًا، وبعدَ غد، تعالَ دائمًا

لأتدرَّبَ على الجلوسِ الطويلِ في مقعدٍ مريح

لأتدرَّبَ على ضبطِ حركاتِ يديَ اليُمنى؛ لتكونَ مؤهَّلةً فقطْ لطردِ الحشرات

تعالَ الآن

سأضعُكَ على الطاولة، أَنظرُ إليكَ مَليًّا وأتأمَّلُك، أتأمَّلُكَ طويلا، كمَن يلتقي لأوِّل مرَّةٍ، بصديقٍ قديمٍ عادَ فجأة.

تبدو شهيًّا، مثلَ قطعةِ شوكلاتةٍ ذائبة

شهيًّا لدرجةٍ تجعلُ الكلماتِ تسقطُ من فمي، دونَ ترتيب.

تعالَ، وأَحضِرْ معكَ كلَّ من يُشبهُك

لا فرقَ بينَ مجتهدٍ وبليد

لا فرقَ بينَ الحجرِ الساكنِ على جانبِ الطريقِ، والعربةِ التي تمشي بجوارِه يوميًّا مثقلةً بالحديدِ والأخشاب

لا فرقَ بينَ زهرةٍ تتنفَّسُ، وزهرةٍ ميِّتة

لا فرقَ، لا فرق

الراكضُ مثلُ النائم

مثلُ الغائبِ، مثلُ اللاجدوى

يظهرُ ميَّتًا في زجاجِ العيون.

تعالَ اليومَ وغدًا، وبعدَ غدٍ، تعالَ دائمًا.

مزاولة مهنة إضاءة الطريق، والركضُ اليوميُّ في الأدغال

مواجهةُ الوحوشِ والقنَّاصين والكذّابين

ضبطُ النَّفْسِ، وردمُ الحُفَر

تصحيحُ مسارِ اللافتات

هنا النّفايات

هنا العشبُ

(هواءٌ ملوَّث)

(مياهٌ نظيفة)

تسميةُ الأشياءِ بأسمائِها:

ذهبيٌّ، فضيٌّ، برونز،

مضيءٌ، معتمٌ، ضبابيّ،

زجاجيٌّ، ورَقيٌّ، معدنيّ

تتلاشى في حضورِك

مستعدةٌ لجمعِ أوراقي

خططي المقبلةِ

وفكرةِ إعادةِ تصويرِ حديقةٍ مكتئبة،

ببجامةُ النومِ تُعِدُّ الشايّ في مطبخٍ غيرِ مرتَّب

لا تفتحُ النافذةَ، ولا تسمعُ العصافير

تميلُ إلى الألوانِ الداكنة

وتنسى أفكارَ الحبِّ مبعثرةً في صالةِ الجلوس.

تعالَ رشيقًا، بلا نظّارةٍ شمسيَّة

بـ(كُمة أو مِصّر )بدشداشة بيضاء

برائحةِ جسدِك

بنظرتِكِ الجادَّة

“أدلِّلكُ ،أداعبُك ألاعبُك،أشاغبُك،أكلِّمُك،أَلمُّك،أَشمُّك

أضمُّك “

أتكلَّمُ بصوتِك

أمشي مِشيتَك

وأحلمُ مثلما تحلم

حتى تتغيَّرَ أسمائي وصفاتي:

ذهبتْ كسَلُ، جاءتْ كسل

عادتْ كسل.

أعمالٌ مؤجَّلةٌ

مسؤولياتٌ مهملة

طاقاتٌ مسحوقة.

تعالَ، وأحضِرْ معكَ كلَّ مَن يشبهُك

اللامبالاة، التبلُّدَ، فقدانَ الشعور

تعالَوا جميعاً

تعالَوا متَّحدينَ متفقين

على إصلاحٍ إنسانٍ طائش

على احتواءِ إنسانٍ مجنون

وتهدئةِ روحِه

تعالَوا

تعالَوا

“إن لم نستطعِ الضحك، سنصبحُ جميعًا مجانين”

غنُّوا لي

ربِّتُوا على كتِفي

أحبُّوني

أحبُّوني إلى الأبد.

*****

خاص بأوكسجين


شاعرة من عُمان. صدر لها: "جمهور الضحك"" 2016، و""أعيادي السرية"" 2014، و""قلب لا يصلح للحرب"" 2014، و""نجمة في الظل"" 2011."