أوكونور وساكستون وكولريدج ومردوخ :العجز عن كتابة سطر واحد 2 – 2
العدد 219 | 30 أيلول 2017
إميلي تيمبل


فلانري أوكونور

(مقتطفات من رواية “يوميات الصلاة” A Prayer Journal)

 

11/6

كيف أستطيع العيش- كيف سأعيش. من الواضح أن الطريقة الوحيدة للعيش بشكل صحيح هي في التخلي عن كل شيء. ولكن ليست لدي وظيفة وربما كان هذا خطأ على أي حال. ولكن كيف أمحي طريقتي في فعل الأشياء الشبيهه بحَسك سمك دقيق- أتوق بشدة لمحبة الرب على الدوام. وفي الوقت عينه أرغب بكافة الأشياء التي تبدو مناقضة لهذا- أريد أن أكون كاتبة جيدة. أي نجاح قد يسبب الورم في رأسي- حتى في اللاوعي. إن أتيحت لي الفرصة لأكون كاتبة جيدة، فإن هذا لن يحدث لأنني كاتبة جيدة وإنما لأن الرب منّ علي ببعض الأشياء التي يكتبها القدير بكل لطف من أجلي. لا تبدو سياسته هكذا خلال هذه الفترة. أعجز عن كتابة كلمة واحدة. ولكن سأواصل المحاولة- هنا بيت القصيد. وفي كل لحظة من القحط، سيتم تذكيري بمن يقوم بالعمل عندما ينتهي ومن لا يقوم بالعمل في تلك اللحظة. في هذه اللحظة أتساءل إن كان الرب سيكتب من أجلي شيئاً ما. لقد وعد بهبته؛ ولكن لست متأكدة إزاء الشيء الآخر. ربما لست شاكرة بالقدر الكافي على ما جرى من قبل.

 

11/11

ما مدى صعوبة الاستحواذ على انتباه وسلوك شخص ما إزاء عمل ما  نبرة شخص ما الاستحواذ على أي شيء من أي شخص. أجد سلاماً معيناً داخل روحي هذه الأيام وهو شيء جيد للغاية- ويقودنا إلى الإغواء. مستوى القصة، هراء. عمل، عمل، عمل. أيها الرب الميت، دعني أعمل، اجعلني أكتب دائماً، أرغب بشدة بالعمل. إن كانت خطيئتي هي الكسل فأنا أرغب بالتغلب عليها.

 

 

آن سكستون

(مقتطفات من “بورتريه شخصي في الرسائل” A Self Portrait in Letters)

14 تشرين الثاني، 1960

عزيزي نولان:

مرحباً، هل أنت بخير؟ لم أزل هنا، لا أفعل الكثير- ولا أكتب بالقدر الكافي، ولا أكتب مواداً جيدة وقوية- أجرجر نفسي لأخيط كل هذه الخيوط، ومنهمكة جداً في القلق من الحياكة. قلقة؟ حسناً، إنها فترة عصيبة… صدر لي كتاب، وبدأت المراجعات، وأشعر بأنني مزيفة، وأنني لم أكتب حرفاً وإنما قمت بسرقة الكتاب من مكان ما. تأتي القصائد الجديدة ببطء… لقد ولّت البهجة إلى غير رجعة. أو ربما لهذه الفترة فقط، ربما في وقت قريب، ربما في القريب العاجل سأعود إلى الكتابة. أمامي قرابة 25 صفحة في كتابي الثاني ولكن بعضها ليس جيداً جداً… وأسمح لنفسي بمساحة من الضعف ما كنت لأسمح بها من قبل. أو ربما أنا مخطئة… ربما لست ضعيفة. سحقاً! إنني قلقة بشكل هوسي (لا أستطيع تهجئة هذه الكلمة) ولا أشعر بأنني مهملة أو عظيمة.. وإنما ينتابني الشعورين معاً. أشعر بأنهم (محررو المجلة) قد أخذوا قصائدي دون قراءتها أو تقييمها… لقد كانوا الأنا الأعلى لي. لدي مجموعة كبيرة ستصدر في الربيع (كما أعتقد) في مجلة هدسون (بعضها سبق لك ورأيتها) وهي قصائد جيدة كما أحسب… وأيضاً ستصدر لي مجموعة من ست قصائد في وقت ما في مجلة بارتزن وهي القصائد التي تثير قلقي. حسناً، لقد قررت اليوم فقط أن أرمي كل شيء إلى الجحيم، ولن أقلق إن كانت قصائد سيئة. لقد راودني حلم بأنني سأتجاهل. هل تعتقد أن هذا أمر صائب؟ حسناً، أعني أن أتجاهل القصائد السيئة حتى بعد إرسالها إلى الطباعة، ونشرها الخ. هذا كل ما أستطيع فعله.

 

صامويل تايلر كولريدج

(مقتطفات من المجلد الثاني لدفاتر ملاحظاته)

21 تشرين الأول 1804- ليل الإثنين- سيراكيوز. يا إلهي! لو أنني أجرؤ على عدم المضي قدماً في ذلك الشعور الرهيب! ومع ذلك أي شيء جيد في داخلي، وبرغم أنه ليس في العمق، على الرغم من أنه ليس في العالمي والمثالي بالنسبة لنا، وبرغم ذلك آه! لكل نقائص طبيعتي الخادمة التي كانت قادرة على تقديم خدمات ثانوية للخير- آه لماذا تجنبت وهربت مثل كلب مذعور من فكرة أن البارحة كان يوم عيد ميلادي، وأنني كنت في الثانية والثلاثين من العمر- لتساعديني أيتها السماء! عندما نظرت إلى الوراء، وقبل نظري إلى الخلف تخيلت أنني كنت في الواحد والثلاثين- وهكذا فقد مرت سنة كاملة، لم أنجز خلالها كلها ما يمكنني إنجازه في شهر! ياللحزن والخزي! لا أستحق العيش!- اثنان وثلاثون عاماً- هذه السنة الأخيرة من بين كل السنوات! لم أفعل شيئاً! لم أبدأ بكتابة أي مواد، أي مخزون داخلي، آه، لا! هناك ما هو أسوأ! الجسد والعقل، عادة تخدير المشاعر، وحركات الجسد، وعادة الحلم من دون تمييز لـ … التي لا تنسى.

 

 

آيريس مردوخ

(مقتطفات من “كاتب في حرب” A Writer at War)

 [في رسالة كتبتها عام 1943 إلى فرانك طومسون]

هل أكتب؟ لقد كتبت ثلاث قصائد فقط ولم أكتب نثراً خلال السنة الفائتة. وقبل ذلك تماماً، كتبت القليل من النثر. نشر والدي قصة قصيرة لي في “مانشستر غارديان” ومختارات من رسائلي دون إعلامي في مجلة “نيو ستيتسمان”. ولكن في الوقت الحالي فلا أعكف على كتابة أي شيء ولا أشعر برغبة في الكتابة. وأعاني من الركود العسكري. تغير في المزاج وقدوم الألمان قد يوقظني مجدداً. ولكن في الحقيقة ليس لدي الكثير لأكتب عنه. لدي ذهن تقليدي بموازاة خطوط قرية ويكهام. كما أنني انطوائية قليلاً. فقط عندما أكتب لك أو إلى أخي أبذل بعض الجهد لسبر أغوار نفسي. وإن لم تكن انطوائياً فلن تملك موهبة معرفة ما يجول في خلد الآخرين. ومن دون هذه الموهبة لن تستطيع الكتابة على غرار ما هو دارج في الكتابة هذه الأيام. وأود لفت انتباهك إلى اعتقادي بأن هذه أيام الرواية النفسية. المؤلفون السوفييتيون كما أحسب، يبحثون عن نمط جديد للرواية. إهرنبرغ، وأثناء محاولته لكتابة الخيال المباشر في مواجهة الهجاء، عاد إلى أسلوب بسيط أشبه بأسلوب ديفو. أنا شخصياً، أعتقد أن تولتسوي وتشيخوف شقا طريقهما إلى عقول قومنا بالقدر المجدي والمناسب. غوركي بالنسبة لي هو روائي مثالي في هذا الإطار. كلا، لو كانت لدي القدرة لرواية حكاية، لما كنت سمحت لك أن تفسدها بالفواصل النفسية. ولكن الحقيقة، يا إروشكا، لدي دماغ ضحل وكنت أنزلق خلال السنوات الأربع الماضية على قشرته. لو/عندما أعود إلى إنجلترا سألتقيك وألتقي الأصحاب الآخرين لتعيدوا تثقيفي وتأهيلي نوعاً ما. ما هذا الهراء. لا بد وأن هذه الحرب تطور دماغي. لا أعرف. لا أعرف ما الذي يجري لي. عندما أتمعن في هذه الحرب الأوروبية تنتابني رغبة بالذهاب إلى الصين ومن ثم إلى مكان آخر، إلى أي مكان تحدث فيه المرحلة التالية. لأن هذه الحرب، المنخرطون فيها، قد يكون لها فترات هدنة وتوقف، السلام الذي لن نعرفه إلى أن تتحقق الولايات المتحدة العالمية. ولو تسنى لي الوقت، الانتقال من مكان إلى آخر قد أكتب أشياء أكثر خلوداً حول ما رأيته. ولكن عن الصراعات التي تدور في ذهني، كلا لن أكتب. إذ كان لهذه الصراعات نهاية أفضل بسبب الطين المناسب الذي يجمعها.

*****

خاص بأوكسجين