سأصنع منها كرة كبيرة وأحرقها.. أفكر في ركلها بقدمي اليسرى. أفضل، ركلة واحدة بين أعواد الذرة فى أرض بعيدة تسكنها الثعالب تخلصنا منها.
أنت تعرف أن الثعالب فى الأراضىي البعيدة تمزق الأكياس وتلعب.. وهذا كيس لصيدلة في شارع مشهور بالمنيا، سأضع بداخله 10 روشتات دفعة واحدة، وآخر كان لصيدلية أسفل عيادة دكتور البدايات الساذج، سأتركه لثعلب صغير يلبسه فى وجهه ثوان، وثالث سيجرب الطيران ويقع، ورابع كلمته وكلمك، ووقعت عينك عليه في صلاة العصر، مرة، وهربت منه لعالم أنت وحدك تراه ولا تخبرنا سره..!
جرعة واحدة.. بيننا وبين هذا العالم جلسة مرة، بينك وبينه أنت فقط فى الحقيقة، بينك وبينه، وخالي، وأمي، ورنا، كلهم معك، أما أنا فجبان، ودائما أكلمك من خلف ورقة.
لم أجلس بجوارك مرة فى الطريق إلى المستشفى، كنت هنا ألف السجائر وأحرقها، وإبراهيم يحمل بطاقة التأمين الصحي بين معامل التحاليل، كنت أمسح يد مهاب وأفردها للسماء من غرفته، والعينات تتنقل بين يدي أمي وخالي عشرين مرة. رنا، نفسها، شاهدت أول نقطة من المحلول، وقبلت يدك، ومسحت جبينك، وأنا هنا أمسح دموع رجل جبان تسقط ببطئ على صور قديمة تحملنا فيها اليد نفسها.
أمير فؤاد، زميلنا، أمه تعاني أيضاً، وكتم السر وتأخر مثلي. عذّب نفسه وجلدها 3 أعوام كاملة، وألصق الأعذار كلها فى الشغل والجرائد، ولعن المهنة أمام أبوه وإخوته ألف مرة، ربما عاد للتدخين لا أعرف، لكن الولد لا تهمه الجرائد وقسوة الطريق من القاهرة لسوهاج، 50 مرة سرحونا ولمتنا الجرائد والشقق الضيقة. كنا نهرب منكم، من خراطيم لا نعرف شكلها، وممرض لا قلب له يدس الإبر الطويلة فى عروقكم، من الاسم بعد كلمة مريض على حافظة التحاليل، من خطواتكم على السلالم الطويلة، ووحدات الجرعات وساعات الانتظار، من شاي المقاهي ومواصلات آخر الليل، من كلمة «كيماوي» وجرح الاستئصال ونقطة دم.
أمير، هات تحاليلها، روشتات الأطباء، نتائج العينات، أكياس الدواء، وقل لوالدك اجمع علب الزبادي الفارغة من غرف الإنعاش بعد العمليات، وأصنعا كرة كبيرة مثلي، وأحرقها أمام عين أمك.. قل لصديقاتها شرق البلد وجارتها القريبة، أمي بخير، أما أنا فجدتي الليلة ربما تأتي، لن تتأخر عليه طويلا، ستفتح بابين وتدخل، وتزرع بساتين بين الغرفة والغرفة، وتعلق على النوافذ اسمه، وتكتب المحبة على صدره، وترمي الوجع بحجر صغير كان يثقل جيبها كل هذه الأعوام.
*****
خاص بأوكسجين