1.
أحد أسباب النزاع بيننا نحن والمدينة المجاورة لنا ،أن الوقت يمر علينا قبلهم، فنسبقهم في الطعام والنوم والصلاة وكل شيء، وفي السنوات الأخيرة تقاتل فلاح منا مع فلاح منهم، لأن شجرة الزيتون الواقع نصفها في أرضه ونصفها الآخر في أرض فلاح المدينة الأخرى، قد أثمرت حسب توقيتنا وبالتالي فالآخر لن يستطيع الانتفاع منها مثل فلاحنا الذي لا يستطيع تركها تخمج.
حمل كل منهما فأسه وقطع الشجرة من لدنه عن الآخر.
حين انتهت الشجرة كان النزاع كبيراً مثل مشكلة زوجية وكانت الفؤوس تبرق أكثر من ذي قبل، فقطع كل منهما أنف الآخر وقدميه، والآن توصلا إلى حل، بموجبه اتفقا على ترك قطع الأيدي والأذرع إلى آخر الجولة ، فهما ومن انضم إليهما يحتاجونها لحمل الفؤوس!
2.
آخر هجوم على مدينتي كان غير متكافئ مع وسائل الدفاع.. لا سبيل للمقارنة.. نحن الذين ملكنا كل القوة للخصومة لم نملك وسيلة واحدة ندافع بها عن أنفسنا.. كانت الكلمات التي نملكها غير كافية ولا تشكل غطاءً جوياً ولا دفاعات أرضية..عدا كلمة واحدة كنا نراها كذلك ولم نستطع الاتفاق عليها كما ينبغي خلال الفوضى، كنا على عجل نجمع الأشياء التي تلزمنا في اللجوء، أغطية، ملابس ثقيلة، حلة طعام، وغالون للماء وراديو قديم عاطل للتزود بالأخبار إذا نجحنا في إصلاحه.
أمي كانت غير قابلة للأخذ معنا، فقد كانت عجلات عربتها المتحركة مثقوبة.
أمي كانت مثل تلك الكلمة غير قابلة للحراك من مكانها حتى الموت.
ليتها كانت راديو قديم.
3.
من أخبار الجبهات أيضاً، ليلة البارحة حلمت بأنني أعاتب الله وهو لا يرد عليَّ ..لقد قلت له كان بإمكانك ألا تخلقني من الأساس، أو أن تخلقني شيئاً آخر، فليس هناك من مبرر لتعذيبي بخلقي امرأة في ليبيا.
4.
تبادلنا الشتائم التي ابتكرها الأجداد وتركوها لنا من ضمن التراث الشعبي الخالد،وصرنا نشعر بالملل من تكرارها وأنها لم تعد تؤدي دورها في الشتم، صارت باهتة، بلا روح، تغيرت حتى نخشى أنها ستصبح لغة إطراء عما قريب..علينا أن نعتمد على خصومتنا وننشئ لها قاموساً، فكلمات الأجداد عاصرت أحداثهم الخاصة والمختلفة عنا، ذهبنا إلى السوق وقلبنا عن كلمات جديدة، السوق هو من يولد مثل هذه الكلمات، لا نعرف بأي سوقية، لكنها تخرج في كل زمان عنه، كانت الأسواق خلال بحثنا مهذبة جداً عن المستوى الذي نريد بلوغه، حتى أنها طلبت منا أن نسلفها، غادرناها إلى الفيسبوك والتوتير، ومازلنا حتى الساعة نسبح في سوقيه لا متناهيه من القطيعة!
5.
عايرنا أهل القرية المجاورة بأن دجاجهم يملك 3 أقدام ، وعايرونا بأن حميرنا تسير على 5 أقدام، يجب أن نكتب العار بالأرقام كيلا يتم تحريفه والتلاعب به مثلما حدث مع أحداث سابقة كانت الأرقام فيها ذات دلالة ثقافية وسياسية وتاريخية، لكنها بشكل ما غيبت!
مع ذلك تحمل الحمير الأثقال بصمت.
هكذا تكلم مؤرخ الحمير.
ومع ذلك ينقنق الدجاج عندما يبيض.
هكذا تكلم مؤرخ الديوك.
ومع ذلك نحن من يثير الخصومة مابين الدجاج والحمير.
هذا ما لم يقله مؤرخ البشر حتى يومنا هذا!
*****
خاص بأوكسجين