غراديفا- فانتازيا بومبية
غراديفا- فانتازيا بومبية


صدرت عن “دار نينوى” في دمشق رواية “غراديفا- فانتازيا بومبية” للمؤلف الألماني ويلهلم جنسن (1837-1911)، ونقلها للعربية المترجم كنان الشحف. تنطوي الرواية على أبعاد نفسية عميقة اجتذبت عالم التحليل النفسي سيغموند فرويد، فتناولها في دراسة حملت عنوان “الهذيان والأحلام في الفن” وسلط فيها الضوء على الأحلام التي تبتدعها مخيلة الكتّاب الخصبة لينسبوها لشخصياتهم المختلقة في إطار الحبكة. واستخدم فرويد الرواية ليظهر للجمهور أن الكتّاب كانوا من أوائل المحللين النفسيين، إذ تنبع أعمالهم من تواصلهم المباشر مع اللاشعور.

وتعتبر “غراديفا” من أولى ركائز جنس “الأدب النفسي” الذي يركز على التكوين النفسي والدوافع والظروف وما ينشأ عنها من سلوك ضمني يؤدي بدوره إلى سلوكيات خارجية. وعوضاً عن الاكتفاء بسرد الأحداث، يعمد هذا الجنس الأدبي إلى كشف ودراسة الدوافع المحفزة للحدث، ويميل فيه الكاتب إلى سبر أغوار الشخصيات ومكنوناتها النفسية، وتبرز فيه الحوارات الداخلية والتداعي الذهني.

حظيت الرواية ودراسة فرويد عنها بتقدير عالمي كبير، حتى أن “الجمعية القومية لتطوير التحليل النفسي” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، بادرت في عام 1994 إلى إطلاق “جوائز غراديفا” بهدف تكريم الإنجازات الأدبية والفنية التي تسهم في تطوير التحليل والعلاج النفسيين. وقد صدرت الدراسة باللغة العربية عن دار الآداب في عام 1978 من ترجمة الراحل جورج طرابيشي.

استوحى الكاتب روايته من منحوتة حقيقية تحمل الاسم نفسه، ويحكي فيها قصة عالم الآثار الشاب نوربرت هانولد الذي ينطلق في رحلة تحمله من ألمانيا إلى إيطاليا، وتحديداً إلى مدينة “بومبي” الأثرية التي أهلكها بركان “فيزوف”، بحثاً عن آثار تقوده إلى اكتشاف سرّ منحوتة لفتاة حسناء تمشي بطريقة سحرت لبّه، بعد أن عثر عليها ذات مرة في أحد معارض التحف التقليدية. وما قبل رحلته وخلالها، تختلط أحلام هانولد بالواقع لدرجة تُفقده القدرة على التمييز بين الاثنين، فتتحول مغامرته تلك إلى ما يشبه رحلة نفسية يكتشف فيها من مكنونات نفسه أكثر مما يكتشف من آثار.

وقد امتلك فرويد أيضاً نسخة عن المنحوتة ذاتها، حصل عليها من متحف الفاتيكان وبقيت معلقة على جدار مكتبه حتى وافته المنية.