إلى خالد بن صالح
مسنّي السكر.. وكنتُ قد عقدتُ العزم على أن أتبيّن الحلوّ من المرّ، وأصوغ مذاقاتٍ جديدة، ووروداً مؤجّلة أرميك بها كلما أتيت، أو أوثّق فرحكَ ورقصكَ وأغاني “الراي” المنداحة في المكان الذي إن استقدمتَ غيره ينضوي فيه، ويمتثل، ويمسي مكانين في مكان، ثم فجأةً ودائماً تطفو الحقيقة القائلة: ما همّنا المكان! تأتيه أو تفارقه، وهو لا يكون ما لم تقل له “كنّ”، يتبعكَ المؤقت خالداً في المكان والزمان.
وها أنا وأنت ندخل من الباب الضيق، فيتّسع، ويتّسع كل شيء معه ويترامى، وأنت يا خالد تقترفُ فرحاً مضاعفاً، ونساء كثيرات يشهدن على ذلك، ما فارقتهن البهجة ما أن وقعن عليك! فكيف إن وقعت عليهن؟
أعرف واحدةً ما فارقها الضحك، أمست والضحك صنوان، وقيل إنها افتتحت مؤخراً دكاناً صغيراً في مدينتها البعيدة، يقصده كل من ألمّ به غمّ أو قهر أو ألم، وهي تخلصهم/تخلصهن من كل ذلك وتزرع فيهم/فيهن نبتة البهجة والمسرة، نبتة لا يطالها يأس أو قنوط، وهي ما عرفت ذلك إلا بك ومنك، وأنت لم تقرأ عليها قصائدك، ورحت تصوغها هي جسداً وروحاً قصيدةً، ثم إنك وضعت لها أطرافاً مستعارة، وأنت لا مستعارٌ فيك ولا دخيل عليك. أطراف مستعارة للرقص أي نعم، لكنها أجنحة! أقسم على ذلك وقد رأيت ملائكة تطير بها.
ولا أخفيك بأنني وقبل أن نلتقي كنت أعدّ ملفاً هائلاً عن الحب، وأعداداً من أوكسجين التي تحب بأكثر مما أحب، وما حلمنا به، وما شاركنا وتشاركنا، إلا إنني سرعان ما اكتشف أن ذلك قبضُ الريح، وأن لا مكان له فيما يأخذنا من عوالم وأرجاء وأمكنة تقول لها كوني فتكون، وأنت لا تفعل شيئاً سوى أن تكون ما أنت عليه، بذاك النقاء الذي يزيد كؤوس العرق بياضاً، وأقسم بأنني رأيت مع كل رشفة ترشفها سرب ملائكة يطير منها.