صدر حديثا عن محترف أوكسجين للنشر في أونتاريو وبودابست كتاب “أوكسجين 2″، وهو الكتاب الفصلي الثاني الذي يستكمل مشروع مجلة أوكسجين الإلكترونية التي انطلقت عام 2005، بتوثيق موادها الإبداعية ونشرها ورقيا في كتاب كامل ومتناغم.
وينقل هذا الكتاب تجربة أوكسجين من الرقمي والشاشات إلى الورقي، على عكس السائد، والتبشير اليومي بانقراض الورقي. وهو أيضا الكتاب/المجلة، المجلة/الكتاب، فالمحتوى كامل منتقى من أعداد سابقة للمجلة. وقد قام مؤسس ومحرر مجلة أوكسجين الروائي والشاعر السوري زياد عبدالله، بتنسيقها وترتيبها وتبويبها متبعا هيكلية كتاب سردي وشعري أوكسجيني، كل فصل يتضمن عددا من المواد اجتمعت تحت عنوان جامع.
ويصف مؤسس المجلة والمحترف الروائي والشاعر السوري زياد عبدالله الكتاب في مقدمته التي جاءت بعنوان “فصول أوكسجين السبعة” بأنه “فصل من فصول تلاعب أوكسجين بالزمن، وهو في مناخاته وأجوائه يتداخل مع الكتاب الأول، ويمضي قدما في تعزيز تعاقب كتب أوكسجين المقبلة، وهي تصارع خصما عنيدا اسمه الزمن”.
ويجد أن هذا الكتاب “يخلق زمنه الفريد فنيا في الوسيط الأدبي، يؤسس حاضره من الماضي والمستقبل، فهو حاضر وتذكر وتوقع، وإن كان الزمن في حركة متواصلة؛ فالآلية المتبعة في توليف مواده وتبوبيها هي مونتاجية بامتياز، فكما خلقت السينما الحركة بالمونتاج، فإن حركة مواد هذا الكتاب وحيويتها مخلوقة على هذا النحو، متوالية ومتصلة بناء على اقتطاعها من سياق وربطها بآخر، ثم تركيبها ببناء الفصول، كما في المونتاج تماما القائم على ‘التقطيع’ أي بناء مضمون اللقطة وربطها بالأخرى، ليتم بناء المشهد دراميا بـ’التركيب'”.
انتقى عبدالله مواد كتاب أوكسجين الثاني، من أعداد مجلة أوكسجين الإلكترونية (21 – 40) المنشورة بين عامي 2005 و2006، وقد نسقها ورتبها وبوبها هنا متبعا – كما في كتاب أوكسجين 1 – بنية كتاب سردي وشعري أوكسجيني جاء في 192 صفحة، كل فصل منه يتضمن عددا من المواد اجتمعت تحت عنوان واحد، لنكون في النهاية أمام كتاب متكامل ومتناغم يشرع الأبواب للعبة إبداعية متجددة وجديدة، تختبر سبعة فصول جاءت عناوينها كالتالي: “ثورات مضادة”، “استربتيز المصائر”، “حدائق الحب المعلقة”، “مدينة ائتمانية”، “لولا فسحة الكوارث”، “اللامرئي المكتوب”، وأخيرا “صلة الأرحام والأرواح”، كما رافقت مواد الكتاب رسومات الفنان التشكيلي السوري كاظم خليل.
نحن هنا إذا في هجرة معاكسة جديدة من الإلكتروني إلى الورقي، وكتاب يتلاعب بالزمن، يفتح فضاءات تجريبية جديدة شكلا ومحتوى، عبر فصول بعيدة كل البعد عن السائد. فصول ضمت نصوصا شعرية وسردية لـ25 كاتبا وكاتبة من سوريا ومصر ولبنان وفلسطين والإمارات والجزائر والمغرب وليبيا. نصوص تتجاوز زمنها الحقيقي وهي تكتب مستقبلا نعيش تفاصيله الآن، لأنها “تخالف وتجدد وتمضي وتبدع وتحلق، لتسمع من يريد ألا يكون في أذنه صمم”.
ويستكمل محترف أوكسجين ما انطلقت عليه مجلة أوكسجين الإلكترونية، ويرسخ الأسس التي قامت عليها منذ عام 2005 في سعيها المتواصل نحو حرية الإبداع وإبداع الحرية. كما يعنى بنشر الجديد والمتجدد نثرا وشعرا فكرا ونقدا تأليفا وترجمة متخذا من الهامش متنا، والمغيب معبرا للاكتشاف وإعادة الاكتشاف، وكله توق وتطلع نحو الجديد المتجدد.
ويصدر المحترف كذلك سلسلة إبداعية تعنى بتقديم سياق سردي حر للحياة العربية المعاصرة، يختبر طاقاتها وأحوالها، يحاورها ويستخلص منها جماليات لا تنفصل عن الواقع، وسرديات لا تكتفي فقط باتخاذ منظور مغاير عن الرسمي والمكرس والمتداول، بل تضيء أيضا على المعاش والهامشي والمغيب. وهي بذلك ورشة إبداعية متواصلة منفتحة على الأفكار وأنماط التعبير المختلفة، سواء عبر التأليف الجماعي أو الفردي.