على طريق الغابة والأيروتيك إلى الينابيع
العدد 284 | 18-3-2024
علي عبدالله سعيد


1

كان المجاز طائراً

في الشُعُبِ السرياليّة

بأسرع من البرق

لذلك..

لم يتمكن الشعراء الكسالى قاطبة

من اللحاق به

إلى الفضاء

كانوا كشعراء معطوبين مترنحين

بين الكنايات والاستعارات والكافيهات والخمّارات

بارتخاء أدمغة

وأعضاء ذكورة

إلى أن جاءهم الوعد الحق

من الإله الذي شطره خنزير أوغاريت المقدّس بقرنيه إلى نصفين

نصف من النرجس

ونصف من الدم

أو شقائق النعمان

كي يُحييَّ مجد الشاعرات بمفردهن

على

الأرض

الخراب

 

2

في المرض وما يليه..

كي أكون لك.. من الشاكرين أيها الرب في عُلاّك

دلّني على بلاد لا تُنسى

فيها حدائق

وليس فيها قتلى حروب أو طوائف أو قوميات فاشيّة

دلّني على دالية عنب لا تُنسى فيها أكثر من المتعة التي لا تنفد

دلّني على خمّارة لا تُنسى فيها للنبيذ نشوة وليس عقوبة تجريم

أو تأثيم

دلّني على امرأة لا تُنسى بعد المواقعة الأولى على الأكثر فيها الكثير من الود

وليس الكثير من الكراهية

دلّني على الوعورة التي أحب في اللغة والخطاب

ثم.. في الجبال من الصخور

ثم.. في الخيال السوي

أو المريض

على

حدٍ

سواء

 

3

أحببت..

قبل أن أصل

إلى ذاك العمق الذي يشبه الثقوب السوداء

كثيراً أحببتك من اخيلك إلى ترقوتك

ربما لأجل ذلك عشت طويلاً.. ثم

أحببت السنونو السنوي في البيت

البجع الفصليَّ فوق البحيرات التي أمامي

أحببت الحبق تحت شجرة اللوز كأن فيه شيئاً من رائحة عنقك

أحببت العرق في آذار أيضاً..

قبل عريك بقليل

ثم.. بعد عريك بقليل

أيضاً..

دون مبررات مقنعة..

أحببت الكلاب التي ربيتها كل شبر بنذر والتي تحمل أسماء أصدقائي من الشعراء الأجلاء في البلد والمغترب..

بما يشبه الأسرار الزنخة على الأغلب..

أحببت نساء قبيحات جداً وعاشرتهن بروائحهن كملكات سكس

ثم.. أحببت نساء جميلات جداً غير أنهن لا يتحليّن بالحماقات

في هذا الفصل..

في هذا الباب..

بوقاحة فضيّة بعض الشيء وقلَّ نظيرها

أحببت نساء قبيحات أو جميلات من أجل مؤخراتهن فقط

بالسوّية الأخلاقية ذاتها

أحببت نساء من أجل أفخاذهن المشدودة في سراويل الجينز

دون فلسفة

دون حكمة لا تخر

الماء

أو

الهواء

 

4

في هذا الزقاق

في تلك الحديقة

أيضاً..

ليس من السيء أن تحب امرأة لأجل عضو محدد فيها كأن تكون سرّتها أو أظافرها أو أنفها أو زغب عانتها الأشقر أو شامة زرقاء على كتفها الأيمن ما لم تكن على

صابونة

ركبتها

البيضاء

من أجل ذلك.. لا لغيره

من أجل صابونة الركبة التي تصلح لتنظيف القلب

أحببت عشباً قديماً على نهر قديم في زمن قديم.. ثم

أحببت المشي عليه كوعل من ذهب أحبَّ معصيّة وتوبة وما بينهما من ضحك وسخريّات من الأسباب.. ثم

أحببت خمارة منسية تحت شجرة على رصيف.. على يمينها كومجي وعلى يسارها صوّاجين ودهّانين تلك المسائل التي لا أفقه فيها ضربة فرشاة أو فكَّ عزقة إلا أن أصواتهم تستهويني

بعد

الكأس

الثالث

أحببت أشياء كثيرة وكائنات

من قبيل عناكب وفراشات وخنانيص دون أجراس

كنّا نتفاجأ ببعضنا على طريق الغابة والأيروتيك إلى الينابيع التي في لحظة ما.. تشبه أصواتها أصوات ينبوعك وأنتِ في

أقصى

شهواتك

الرغيدة

*****

خاص بأوكسجين


روائي من سورية. من رواياته "اختبارالحواس"" 1992 و""براري الخراب"" 2000rn"