موتٌ أضاعَ ربطةَ عنقهِ
العدد 224 | 27 كانون الأول 2017
مرح مجارسة


الجندي يُجرِّر هيكلهُ ويعيدُ ترتيبَ أمعائه في رحم الهاوية، يتمرغُ في لحى الطريق المبللة بالبصاقِ، ويهزأُ من الأشياء التي تتفسخُ كالأوهامِ وأردافِ النساءِ والأرصفة والبيوتِ التي لا يسكنها إلا الصدى.

يشتمُ قذيفة أكلت كتفهُ، ويبول في الجهات التي تتسعُ كلما داست فوقها أقدامُ الغزاةِ.

الجندي صياد العري المتجعد داخل السقوفِ الحدباء..

: ((لم أعرف مكاناً أكثرَ قفراً من جسدٍ عارٍ في مدينةٍ محمومةٍ بقبورها)).

 يلعقُ الغبارَ المرَّ عن كاحل السريرِ يشدُّ ربطةَ عنقِ الوسادةِ ينامُ كدمعةٍ عابرة..

: ((هو الآن نائمٌ بعينينِ مفتوحتينِ تحت شمسٍ فاجرة، تلعقُ الغربانُ زبدَ فمهِ الطازجِ)).

لحمهُ ورديٌّ شرسٌ

في سروالهِ سماءٌ واسعةٌ

شيّدتها رصاصةٌ وشيّعتهُ..

شيّعتهُ الظلالُ الجالسة على قارعةِ الدرب

شيّعتهُ العذارى الحبالى بالعدم

شيّعتهُ المساءاتُ المنذورةُ على اسم اليبابِ

الحلم المطوي كقميصٍ قديمٍ في خزانةِ الموتى

السماء المشنوقةُ بينَ نهدي فتاة من بورما

شيعهُ جلد مقعده المهترئ

أسنانهُ المتعانقة في فمٍ باردٍ

فلا تنهضوا صاخبينَ كطبولٍ متخمة

ضاربينَ برؤوسكم المقفرة حيطانَ الويلِ

تلوكونَ بأحناككم الهزيلةِ عناقيدَ السُّمّ الخمري

تعرضون أعينكم للبيعِ وتتساقطونُ في جرنِ الفزعِ المزرقِ.

_على إشارة مرورٍ حمراء تتصادفُ ولاداتنا الخاسرة، نتقاذفُ عمراً بالحجارةِ والأعضاء التناسلية.. فتستعيرون أنتم ظهري لتحموا لحمكم البرونزي وعضلاتكم المنتفضة، نتحركُ معاً في مرآةٍ واحدة ولكنها حين تنكسرُ ألملمُ أنا وحدي زجاجَ الكارثة.

جناحان على كرسي الحلاقة


شاعرة من سورية.