كنتَ معي عندما رأيتُ حرباً
العدد 280 | 21 تشرين الأول 2023
مختارات من قصائد مخيم الزعتري


هنا مختارات من دفتر “صناديق بريد منسية – قصائد مخيّم الزعتري” الصادر أخيراً عن محترف أوكسجين للنشر ضمن سلسلة “دفاتر أوكسجين”، وهي إذ تلقي الضوء على بعضِ ما جاء في قصائد الكتابِ من ألم وأمل؛ لا تتنازلُ عن الشعر وجمالياتهِ كفعلِ إبداع ومقاومة وحب، كما ستكتشفون في هذه الأصوات السبعة:

الأرض

صفا مجاريش

أدرْتُ كُرَتي الأرضيَّة بِبطءٍ

أبحثُ عنْ جنَّةٍ خرجتُ مِنْهَا ذاتَ حربٍ

أبحثُ عن مكانٍ يحتوينِي

عن بحرٍ أشكُو إِليه الهمومَ

عن مكانٍ أحَبَّتْهُ أختِي ولم تَعُدْ إِليه

أدرْتُهَا مرَّةً ثانيةً وثالثةً وعاشرةً

ومازالَت تَدورُ

الخوف

براءة الكفري

وصَلتِ السّعادةُ

هل أستطيعُ الانفرادَ بِها؟

هَلَّا تَركتَني قليلاً؟

وحينَ تحتاجُني وأحتاجُكَ

سَأُمسِكُ بيدِكَ

ونَلعبُ لُعبتَنا المفضَّلة

تُطارِدني

وأختبئ في حضنِ أمّي

سأبقى معكَ

مثلَما كُنتَ معي

عندما سِرتُ خطواتيَ الأولى

عندما دخلتُ المدرَسةَ

عندما ركبتُ الأُرجوحةَ أوّلَ مرّةٍ

عندما اقتحمَ كابوسٌ حياتي

عندما وبَّخَني أبي

عندما رأيتُ قطّةً في الظّلامِ

عندما دخلتُ قاعةَ الامتحانِ

كُنتَ معي عندما رأيتُ حرباً

عندما سمعتُ هديرَ طائرةٍ

عندما احتَضَنَني الحُزنُ

لم تُفارِقْني أبداً

والآنَ

اتركْ فسحةً أيُّها الخوفُ

فهُناكَ أحاسيسُ جديدةٌ

تُريدُ أن تُرافقَني

صندوق بريدك المنسي

نور الحريري

أنا سماؤك

السَّحابةُ التي تلاحقُكَ

كأنَّك نبيُّ المطرِ الذي يداعبُ الشرفات.

أنا أرضُك… أنا شتلةُ الياسمينِ التي تتورَّدُ كلَّما صافحَتْ يدَك

أنا طريقُك الوحيدُ للخلاصِ

سورُك العالِي

وآخرُ منفىً للأمانِ، أنا عاشقُتك

أحبُّك، أخافُ المضيَّ معك، أقرؤك كلغةٍ قديمةٍ.

أسمعُكَ كنغمٍ مترفٍ

أصلِّي لأجلِك.

وأكتبُ لكَ وحدَك، أنا عنوانُك.

مكانُ عزلتِك، زاويتُك الهادئةُ بعيداً عن ضجيجِ هذا العالم.

صندوقُ بريدِك المنسيِّ

الحائطُ الذي تعلِّق عليه أحزانَك

وشجرتُك الصَّغيرةُ التي تحكي لها أسراراً

أنا النَّصُ الذي لن تنتهِيَ منه.

هل سأعود؟

سندس الداغر

أرى الحياةَ تبتسمُ

وأنا وسطَ الزّحام

يضحكُ الناسُ غيرَ مبالين

وقلبِي حزينٌ مُنهَدِمٌ مثلَ تلكَ البيوت.

ساعدْني يا ربي

اغرسْ في قلبي المحبَّة

***

كلَّما نظرْتُ إلى أمِّي لمعَت عينَاي

وافترَّت من وجهِي ابتسامةٌ غامضةٌ

تذكِّرُنِي بأيامِ

طفولتِي وجيرانِي

مدرستِي وألوانِي

دفاترِي وأقلامِي

وبوطنٍ لا أعرفُ إن كنتُ سأعودُ إليه

القاتلُ الخفيّ

أحمد كريم

لِمَ أزهقتَ روحِي يا قاتلي؟

وتركتَني وحيداً

كنجمٍ بهتَ النُّور فيه

ليتَ النُّورَ يرجعُ إلى نجمي

وترجعُ روحي إلى جَسدي

مسرحيَّة وشاعر

محمد أبو جيش

أقفُ على مسرحِ الحياة

منتظراً دورِي

ماذا لو لم يكنْ لي دورٌ

هل سألعبُ دورَ الكومبارس؟

تخاطبُني روحِي

وتقولُ: لا

فأنتَ المخرجُ

والممثلُ والكومبارسُ والمسرحيَّة.

أجالسُ أفكارِي

داخلَ أوراقِي

وأزرعُ على المسرحِ

بعضَ الكلماتِ

وأسقِيها بعضَ المعاني

أقطفُها ورداً

وأهدِيها للجمهورِ

تاركاً خلفِي

لقطةً من الزَّمانِ

وبعضَ الذّكرياتِ

يتيم

محمد صادق

ما زالَ الطِفْلُ اليتيمُ

ينتظرُ أَباهُ أنْ يَعودَ

مِنْ رِحلتِه السماويَّةِ

*****

خاص بأوكسجين