كلامه غيب يسبح باتجاه القلب
العدد 153 | 02 حزيران 2014
يحيى العبدلي


في كلامه خيال منتصر لا ينام

يعدّ غنائمه التي تتوهج بين الغبار الثقيل

يحزمها كالألغاز والرموز القدرية

والموتى يتشاجرون في قوله المتفلت

الذي يراق في ساحة الحرب والعتمة

 

 

هكذا ألفاظه:

دخان الزمن المتصاعد أبداً

والمدن المكسوّة بالضجة

وصوت النذير

وأعالي الطفولة الموسوسة 

والحجارة التي لا تصغي للمطر

كلها تلك تهيؤات تدفق في كلامه

هكذا يغني

هكذا يركض على الأرض

 

يتغير حتى النبض

تشهد بذلك النفوس المشفقة

لكنه في أسئلته يتجنب الفهم المتخثّر

يرتب الاتجاهات بدقة

ويسوق برهانه وشعره 

ثم يتوارى

هل قيّض لأحد أن يعرف من الذي توارى؟

العتمة؟

أم التيه؟

أم الظنّ والظلال والأسرار المرتبكة؟

كلامه غيب يسبح باتجاه القلب

يسبح بثقة

 

السماء كأن يتكلم

والرحيل كأن يصغي وأمامه كل الأرواح المسافرة

 

حديثُ حزينٍ مرتعشٍ مموّهٍ 

هكذا تتكلم ذاكرته

وذكرياته

كالنشوة المذبوحة

ليست حراما موصداً ولا طرائف مشؤومة تثير الشكوك

إنما تائهة 

في كلامه التائه

 

إن مروا على لزوجة ما يقترح كلامه من الحرية

أخذهم دوار التاريخ

 

أنصتي أيتها الإنسانية

يا حياة وموت العيون والأجنحة

أيتها المساحات المفجوعة

إنه يتكلم ليمرّ هواء حروفه في عفن الزوايا

سينساب كثيفاً كنهر من الأوراق المضيئة

لا يتحرك ساكنٌ إن تحركت أفكاره

يخجل لأنه محقّ

ونواياه تضمر تبريرا لكل هذا الخجل 

 

البلاد التي تشبهه

ذات السقوف الباذخة

وفسيفساء التألق

والتأنق

ممهورة بخطبه مزركشةٌ بآماله 

بلاده وطنه الدافئ المتبرج

كل شيء هناك ممتزجٌ بصبابته

خاشع لرغباته

كل اللغة بأسمائها وأفعالها ومعانيها تترتّب عرساً مفرط الفرح

لغة مسقط رأسه عذبة متزينة

كلما تكلّم

تزداد حسنا وجمالاً

أهي الجنة ..؟ حقاً ..؟

 

يختم أبيات كلامه:

يا أيها الناس

شاهدوا بنات أفكاركم 

كيف تنمو براعمها 

والعادات تلفّ كل صباح

شائخة تعيسة

لأنكم تحلمون بالوصول 

والإدراك

والكمال

 

لم يعد يتكلم.

رغب بالراحة.

مات ….

___________________________________

شاعر من السعودية

الصورة من أعمال المصور السوري أشرف زينة.

زوروا موقعه www.zeinah.net للتعرف أكثر على أعماله الفوتوغرافية المميزة.

*****

خاص بأوكسجين