علي حميشة وأربعون لصّاً
العدد 166 | 10 شباط 2015
علي حميشة


من حديث عن فاطمة

 

أخذ جيش التتر محبرتي.

 

كنتُ جالساً واضعاً ريشتي تحت الوسادة

لاهياً بفاطمة أُطقطقُ لها ضلوعها ثمّ

أشرقت شمسُ الصباح من مشرقي بعدما

هرب الليل من مغربي وضاعت فاطمة.

أخذتُ نبيذاً على الريق

نقرتُ الدفّ بأصبعي

ناديتُ على الحاجب:

أحضر لي فاطمة!

قال الحاجبُ:

فَطمت لكَ الرضيع

وهربت مع الوزير.

 

بعدها

عدتُ ونمتُ.

من بعدي

رأيتُ درباً للسخرية

لا يسلكه أحدٌ غيري

رأيتُ فاطمة 

ترعى لي حروفي

في مسالكِ حقولي.

***

 

القط مياو!

 

لا أدري لمَ تتكلّم القطط كأولئك الذين

يموؤون في آخر الليل وفي عيونهم شبقٌ

غريبٌ كجوع شاعر سوري إلى جارية فرنسيّة.

 

يموؤون ويموؤون

ولا يأبهونَ

لزعيق الجيران.

 

ربّما كان للجميع 

قططاً وكلاباً وحميراً

قروداً وأرانب وسحالي

وأنا وحدي من بينهم

جين استرالي

أتى مع الباخرة سِدني

أو شيفرة جنسيّة

قُطِّعت يوماً

بضرورة ساطور

إلى أرقام صائتة

وربّما كنتُ أنا

الرقم  1 

وهذا القطّ مياو

الرقم 2

دون أن يسقط هو

عن حائطهِ المرتفع

ودون أن أسقط أنا

عن حافّة سريري

المنخفض جدّاً !.

***

 

كلما سابقت المطر!

 

كلّما سابقت المطر

في الخروج من الغرفة

انسحب الطقس

تاركاً لك

هذا الدم الكثيف

في الذاكرة.

وخلافاً لذلك

لم تكن لتتقنَ السباحة

كالبطّة البلديّة

في منتصف

هذا المستنقع

لكن من علّمك الضحك

بأفواه عديدة

ذلك الذي تبعثرَ

في ظلالكَ

وأطفأَ نار حروفهِ

الموقَدة.

 

بين أن تصطفي اليوم باللحظة

والسنة باليوم

وباقي العمر

بأسبوعٍ متواصل

من الجماع المتواصل

مع امرأة

ضع هذا القلم جانباً

احرس هذا الهذيان

بشاكوش مُجنّح 

امنح هذه الذاكرة

سوط البحر

تفتّت كدهر

على

صخرةٍ

يرتمي

من

فوقها 

العشّاق

ولا تمت كثيراً

***

 

علي حميشة واحد!

 

ثلاثة عساكر من النبيذ

يتقهقرون

ثلاثة ملوك

على رقعة شطرنج واحدة

يحتارون

ثلاثة شعراء

كلٌّ منهم يتهم الآخر

بفساد الرؤية

علي حميشة واحد

وأربعون لصّاً 

يعرفون

سرّ المغارة !

***

 

ثمّ لا !

 

لا تشرب كأسها

على الصّافي أبداً

ثمّ لا تكثر

من هذه الزحلقة

نحو أسفل السرير

ثمّ لا تنتظر

أن يهرعوا إليكَ

وأنت مُمدّد هكذا

على قارعة الطريق

عليكَ أن تطير سالماً

إلى الله

بدون شرشف

أبيض!

***

 

باسم الطّشت!

 

كلّ بداية في النوم

بقطّ ولصّ

فعلى الحمار الذي يسير نائماً

إلى الطاحون

أن يرفع أذنيه قليلاً

ويصغي:

طشت الغسيل

حين انتهى به المطاف

على حافّة البرندا

وبقفزة قطّ أو لصّ

تدحرج الطّشت

انطلقت رصاصة

سال الدم

والتمّ شمل الجيران.

…   …  …

باسم الطّشت

باسم الرحمن الرحيم !.

المسألة هي المسألة!

 

المسألة لم تعد هي المسألة حيث البراهين تتدلّى 

كعيدان ثقاب محروقة على عشّ عنكبوتٍ جاهلٍ

لا يعرف معنى العدم في زاوية غرفةٍ موروبةٍ

لشاعر سوري مضطهد

أمّا بعد

الحياة واجب كبير أيضاً والسماء موتٌ واسعٌ

واليائسون المنتحرون لا يبالون بخيط زمنٍ

ناحلٍ مسحوب على قدّهم

وغرفتي أيضاً

لها ذات الربطة

مسحوبةً على قدّها

كأيّ منتحر آخر

ف

بودّ من أعدموا لنا كهرباء الضيعة

وأحرقوا لنا الّلمبة الوحيدة في الغرفة

أقول لكِ

لنا هذه الغرفة المائلة

وبقيّة شمعة 

 وهذا السرير المفرد

كي ننام عليه بصفة مثنّى

وكأيّ شاعر مغمور مخمور

لهذه البلاد المكبوتة 

كنتُ أستطيع 

أن أملأ لكِ تلك الكأس

بعرق بلدي خفيف

كي لا تسكري

بعرق تين أبي السكران

وتودّين أن تتعرّي

له!

***

 

مع بومب أكشن!

إلى فراس سليمان

 

 

دائماً هي حازوقة

كمطبٍّ واضحٍ

في طريق صافرة شرطيّ

حاصرته الشّاحنات

من أربع جهات.

 

دائماً هي لا غيرها

غصّة بكاء شاعر

ركنَ إلى الجّفت

من غير أن يبلي أحداً

ثمّ رمى الجّفت

وبالَ على العتبة.

 

دائماً دائماً

تأتي الغصّة

مع السّاخن

والحازوقة

مع البارد

من جهة الجنون

من جهة الجنوب

في زاوية غرفة.

 

غالباً وليس دائماً

هي الأمور تتبدّل

من سيّئ إلى أسوأ

ومنه إلى أفضل

وتعود إلى ذات النقطة

ذهاباً وإياباً

فلا يقطعنّ أحد

تذكرة خطّ رجعة

في طائرة العودة

إلى دمشق.

__________________________________

شاعر من سورية

القصائد من مجموعة بعنوان ” في جائحة فئران شتائية” صدرت أخيراً عن دار “أرواد” طرطوس – سورية. للشاعر أيضاً “أناشيط” 1996، و “في أحد أدوار ناطحة سحاب” 2007، ومجموعة قصصية بعنوان “الوجه وعذاب الظل” 1996.

 

اللوحة للتشكيلي الروسي Igor Moniava

*****

خاص بأوكسجين


مساهمات أخرى للكاتب/ة: