في قرية ما
صبيةٌ لا تنتظر أحداً
ضجرةً
تخرجُ لتكنسَ الفيءَ
من أمام بيتها
ثياب
القروية وهي تغسل الثياب على ضفة النهر
لا تتخيل أن يرسمها أحد
أن تقع صورتها في أغنية
أو في فيلم وثائقي
ولن يخطر لها أبداً
مشهد رجال ببدلات أنيقة
في مكاتب فخمة
بمكالمة واحدة يعلنون حرباً
وبجرة قلم يوقّعون على صفقات قاتلة.
هي كل ما تريده
أن يذهب أبناؤها إلى مدرستهم البعيدة
إلى مستقبلهم الغامض
بثياب نظيفة
خوف
أعيري اهتماماً لجارك
الشاب الوسيم الذي يبدي لك ما لا تفهمينه
لا بأس من دعوته لاحتساء القهوة
لتبادل بعض الحكايات
ولا بأس أيضاً من أن تدعيه يرفع نهديك قليلاً
أن يقبّل جسدك الخمسيني
هو وحيد مثلك
وبوسعكما أن تخترعا سراً صغيراً
يطير في أرجاء البيت
كفراشة
على جبهة ما
لديه ما يقوله عن ابنه الجريح
لكن المذيع لديه ما قد لقّنوه.
بعد أن قُتلَ أناس كثر
وضاعت قصص مهولة.
بعد أن قصّت الرقابة رأس المقابلة
قتل الغضبُ والحزن الأب
والابن متأثراً بجراحه مات
بينما المذيع
في محطة التلفزيون نفسها
وعلى جبهة أخرى
يعلن أنباء النصر
في الصف
هناك سطر واحد مرتعش
” لم أكتب الوظيفة بسبب البرد”
لدقائق طويلة مشت بين المقاعد
ثم بصوت متقطع قالت المعلّمة:
اكتبوا جملة مفيدة عن الدفء
عادت إلى دفتر التلميذ نفسه
قرأتْ
” عندما أفكّر بالدفء ليتني أشعر به”
قرأتْ
وارتجفتْ
حنين
بعد سبع سنوات في السجن
خرج
دفعه الحرمانُ
والرغبة في الحب
أن يغدق كل عواطفه الهوجاء عليها
التي خانته بعد سبعة أسابيع
أراد أن يلتقي بأصدقاء طفولته
لقد هاجر جميعهم إلى حيوات غريبة وبعيدة
الأخوة بأيديهم الجاهزة للقتال على الميراث
بدلاً من العناق.
الآن… يحنّ بقوة إلى زنزانته
حيث كل شيء واضح هناك
الجلاد يقوم بمهماته على أكمل وجه
والسجناء أيضاً
خارجاً ينفض الطحين عن ثيابه
لا يفكر الخبّاز بالفقراء
بأرغفة تدور في رؤوس جائعين كصحون طائرة
ولا يخطر للناس المكدسين أمام بوابة الفرن
أن هذا الرجل النحيل ضجر من الوقوف أمام بوابة النار
وأنه يحتاج إلى استراحة… إلى تدخين سيجارة بهدوء
إلى فنجان شاي لم يعكره غبار الطحين
موت
أراد أن يكتب شيئاً عن موت أمه
لم يستطع
فصراخ وجعها وهي تحتضر
يمزّق قلبه
يمزّق معاني الكلمات
ويدها الـ مازالت تشدّ على يده
تمنعه من المُضي إلى الحياة
في المستشفى
لو لم تصل متأخراً
كان يمكن إنقاذك
من على السرير المقابل
ردّ الجندي الآخر: هم مَنْ تأخروا
في إسعافنا
كانوا منهمكين في التقاط الصور
*****
خاص بأوكسجين