تسعى أوكسجين إلى ضبط عوالمكم متلبسة بما تصوغه من إبداع وتتوهج فيه وهي تعيش وتحيا، على شيء من العفوية ومن دون تحضير مسبق سوى تحديد موعد للقاء في مربع “الشات” على “الفايسبوك” لنمضي في دردشة حية ومباشرة: سؤال فجواب، أسئلة سريعة خاطفة وإجابات أتطلع لأن تكون سريعة مكثفة أيضاً، كما لو أنه حديث ودي وشيّق يجري في حانة أو مقهى، أو حديث يخرج من حيث لا ندري في مشوار لا نريد له أن ينتهي.
رابع حوارات خالد بن صالح مع الشاعر العراقي صلاح فائق:
***
– سؤال قد يعود بك إلى زمن بعيد، كيف بدأت الكتابة؟
– لا أحد يعرف كيف بدأ الكتابة. نكتب وهذه بداية مربكة تحتاج بعض العون من أصدقاء، وفي غيابهم من أوهامنا. الكتابة اكتشاف، نظرتُ في مرآةٍ في بدايتي وأنا أكتب، فلم أجدني هناك.
وهكذا بدأت، خائراً.
– تعتبر أحد أهم شعراء جماعة كركوك، وعبر عدة مجموعات شعرية ولوحات كولاج نقلت هم الحرية والوطن والمنفى، كيف ترى إلى تلك التجربة اليوم؟
– كنت مناضلاً، مقاتلاً، سجيناً ومشرداً فيما بعد. نقلتُ هذه التجربة الحياتية، المؤلمة والمبهجة في آن، إلى الكتابة، ولم أكن وحدي، كنت مع مجموعة من الشعراء والكتاب في مدينة واحدة وفي اتجاه أيديولوجي واحد. وتعلَّمنا منذ البداية أن نبحث عن أصواتنا الخاصة، وهذا ما حصل.
– ما هي اللحظة الشعرية التي لم تنسها؟
– لم أنس لحظةَ السخرية من كتاباتي الأولى من قِبل البعض، وهذا دفعني إلى الإصرار.
– صورتك الشعرية غنية بالمشاهدات ولا تخلو من اللعب الجاد بكل الموجودات، هل هي رؤية مغايرة للعالم؟ ام تفكيك لذكريات أم مزيج من الاشتغال والدهشة؟
– مزيج من كلِّ شيء، الذكريات تتلاعب بها المخيلة حسب مزاجي أو بالعكس. نكتب لا لنُعبِّر وإنما لنخلق عالماً مختلفاً ومغايراً.
– لو لم تكن الشاعر صلاح فائق ماذا كنت تتمنى أن تكون؟
– مغنياً أو متجولاً حول الأنهار والجداول.
– اذكر لي ثلاثة أمكنة تحبها في العراق، انجلترا والفليبين؟
– الأهوار وجبال كوردستان، حدائق انجلترا وجزيرتي الحالية في الفيليبين.
– هل كان لرحلتك في الزمن والجغرافيا أثر تلتمسه اليوم في تجربتك؟
– نعم، كلُّها موجودة، بشكل أو بآخر، في تجربتي الكتابية. هناك بيئات مختلفة، وفي كلِّ بيئة تجد بنية أخرى من الصور والعناصر والعطور.
– كيف تكتب؟
– أتخيل كثيراً وأحياناً أتذكر بعض تفاصيل المدن والأحداث، ثم أبدأ بالكتابة وكأني أبحث عن أشياء مفقودة أو رأيتها في مناماتي، فأعمل على الوصول إليها بالكتابة.
– وكيف تعيش لحظة الكتابة؟ تكتب على ورق؟ ليلاً أم في وضح النهار؟ هل من طقوس؟
– في أي وقت. الكتابة ليست عادة وإنما اكتشاف وخلق، وهما فينا ومعنا. أكتب على الورق، الكومبيوتر، هاتف الجيب وبطاقات سيارات النقل والقطارات.
– تحضُر كتاباتك بشكل ملفت على الفايسبوك وتتواصل مع الكثير من الأصدقاء من خلال التعليقات والملاحظات، هل تعيش لحظتك الراهنة بهذا الشكل؟
– شكراً للفايسبوك، أنقذنا من عزلةٍ مقيتة ويشجعنا على الكتابة والتواصل مع أصدقاء وأقارب وأموات. ساعدني الفايبسبوك على الكتابة اليومية تقريباً وجمع ما أكتب كل عدة أشهر لترتيب نسخة إلكترونية وتوزيعها على الأصدقاء ومن يرغب بها.
– هذا دليل على أنك تؤمن بالشعر كحاجة إنسانية ووجودية؟
– الشعر اكتشاف ولعب وتواصل لكن بنوعية عالية وهذا ما يمتعنا ويعلمنا. على الشاعر أن يجد دروبه في هذه الغابات ويعرضها لنفسه أولا ثم يشاركها مع آخرين لهم الأمزجة والأوهام ذاتها.
– هل يشكل لك الموت هاجساً؟
– حين أموت لن أعرف بأني ميّت. لذا لا يشغلني هذا.
أهتم بالحياة لأني أعرفها جيدا. لا أعرف ما هو الموت.
– كيف تبدأ يومك؟
– أمشي عند المحيط مع كلبي، أصادف قراصنة ولصوص يعودون إلى بيوتهم مع غنائم قليلة. علاقتنا جيدة.
– ما اسم كلبك؟
– تشيري
– كلمة لمجلة “أوكسجين”؟
– أرسلوا لي كميات كبيرة من الأوكسجين بعدما تلوَّث الهواء والماء هنا أيضا. لا تطلبوا مالاً مني، فأنا مفلس تقريبا. تحياتي.
___________________________________
*شاعر عراقي، من جماعة كركوك الأدبية. أصدر عدة أعمال شعرية نذكر منها: “رهائن”، “تلك البلاد”، “مقاطعات وأحلام”، “رحيل وغيرها. ترجمت قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والكورية. يقيم حالياً في الفلبين.
اللوحة من أعمال التشكيلي السوري نذير نبعة الذي فارقنا في 22 شباط 2016
*****
خاص بأوكسجين