حكايةُ هذا الدفتر
العدد 276 | 12 آذار 2023
أدهم عبدالله


مقدمة محرر دفتر “لولا فسحة الملعب” الصادر أخيراً عن “محترف أوكسجين للنشر”:

 

يركلُ هذا الدفترُ كرةَ القدم، ويمضي خلفها، متخذاً من خارطة العالم العربي ملعباً.

تبدأ المباراةُ على المدرَّجات.

تنطلقُ المباراةُ بتصفير المشجعين، بأهازيجِهم وأغانيهم وهتافاتهم.

رؤيةُ حكم الساحة وحَكَمي التماس متعذِّرة، ولا قوانينَ ولا تسللَ ولا “فار”، إنها شريعةُ المشجعين وبمقدورهم قبول أو رفض أيِّ قانون.

أمَّا الخطَّة، فقد اقتضت البحثَ عن واحدٍ من أولئك المشجعين، والسعيَ إلى أن يرويَ لنا قصَّتهُ مع نادٍ متيَّمٍ به.

تنفيذُ الخطَّةِ لم يكن بالأمر الهيِّن، وكل ما تسلَّحتُ به لتحقيقِ هذا المطمحِ مجموعةٌ من الأسئلةِ التي وجدتُها محرِّضةً للمشجِّعِ ليروي، وقادرةً على دفعِه ليقصَّ ويسترسلَ، فتمسي قصَّتُه مع ناديه معبراً لاكتشافِ حيوات وأمكنةٍ وبشرٍ من لحمٍ ودم، بما يتيحُ نبش الهامش، وتوجيهَ الأنظار إلى من يوصِلونَ هذا النادي أو ذاك إلى منصَّات التتويج، وهم أهمُّ أسباب شهرتِه وحصدِه للألقاب، فبينما يتهافتُ الكُتّابُ من كلِّ بِقاعِ العالَمِ على كتابةِ قصَّةِ نادٍ أو لاعبٍ أو مدرِّبٍ تضيعُ قصصُ اللاعبِ رقمِ واحد دون أيِّ ذكر… قصصُ الجمهورِ العاشق والمتيَّمِ بالفريق. تضيع قصص هؤلاء دون أن تُروى. قصصٌ عن العشق والولاءِ والفداء والوَلَهِ والدموع بشتَّى أنواعِها.

إنه دفترٌ لمشجعيّ الأهلي والزمالك ومولودية الجزائر والوداد البيضاوي والوحدة وتشرين وحطين والإمارات، يأخذُنا إلى القاهرةِ والجزائرِ العاصمة والدارِ البيضاء ومكةَ واللاذقيةِ ورأسِ الخيمة، وبين هذه المدن تحدُثُ تنقلاتٌ بالمدن المصريَّة والجزائريَّة والمغربيَّة، والمدنِ السعوديَّة والسوريَّة والإماراتيَّة، وعشاقُ تلك الفرق مستعدون لمتابعتها وإن لعبتْ في كوكبٍ آخر، إنها حكايا ومصائر، آمالٌ وخيبات، تواريخٌ على اتِّصال باحتلالٍ أو استقلال، فيها مصادفاتٌ تاريخيةٌ وأحلامُ وكوابيسُ كرويَّة، فيها صعودٌ وهبوط، أحياءٌ وحاراتٌ وعائلات، فيها تعاضُدٌ ووئامٌ وتنمُّر.

نصرخُ في هذا الدفتر – الأوَّل من نوعِه – بأصواتِ مَن بُحَّت أصواتُهم على المدرَّجات وأمامَ الشاشات. نحكي بلسان من اخُتصِرتْ عندَهم أيامُ الأسبوع بيومٍ واحد، ومَن تمثّل عندَهم الولاءُ بلونٍ واحد، والحبُّ بكيانٍ واحد، إنه دفترٌ عمَّن يجدونَ في الملعَب فسحةَ أمل، ويجدون الأملَ في فسحةِ الملعب.

وكلِّي أملٌ أن يكونَ هذا الدفتر بمثابةِ فاتحةٍ لدفاترَ أخرى، تحكي عن أنقى أنواعِ الشغَف بالمعنى المجرَّد، عن الحبِّ لمجرَّدِ الحبّ، الحبّ للفوز، الحبّ رغمَ الخسارة، وأن تكونَ قصصُنا في هذا الدفتر، بمثابة شرارة تشعلُ النارَ في قلب كل عاشقٍ لنادٍ مهما كَبُرَ أو صغر ليوصلَ لنا صوتَه بحكايةٍ لا تشبُه أيةَ حكاية، ويعبِّرُ لنا بصفحاتٍ مشْبَعة بحبٍّ يصعُبُ شرحَه والتعبيرُ عنه، وهو أكثرُ أنواعِ الحبِّ الذي يسهُلُ علينا نحن جمهورَ كرة القدم، فَهْمُه.

 

*****

خاص بأوكسجين