تجريدُ جَدِّي
(1)
رجالٌ و نساءٌ في طبقي وأنا وحيد.. يشبهون جَدِّي الذي يفرُّ منذُ ولادتي
من العاصفةِ
و من القبر العجوز
و من شَرَكٍ يشبهُ ظِلَّهُ المقتول..
(2)
آلمني ظهري ذلك اليوم ، من حَمْلِ الأشباح وشَدِّهم من الغابةِ
وأغلَقْتُ عيني
فاصطادني جَدِّي..
(3)
أركضُ وسط جمعٍ غفير من الشياطين
أسبقهم حيناً
وحيناً يطيرون للنبع..
صوتُ لهاثي يؤذي تنفسهم
و بسمةُ الرحمةِ
كلما لوَّنوا بها شفاههم ، تَشُقُّني
كأنها نظرةُ جَدِّي يومَ تَرَكَنَا
و سابَ عظامَهْ..
(4)
لعلَّكَ نسيتني
لعلَّكَ ميت
لعلني نسيتُكِ
لعلني في انتظارك…
(5)
كان قلبي يقولُ احفر في جسدِها وادفن جَدَّكَ بينَ الثَديِ و الثَديِ..
كان جَدِّي يقولُ ويقولُ..
حَفَرَ الأرضَ وأخرجَني من جيبهِ
أهالَ الترابَ ورشَّ ماءً
و تَنَفَّسْ…….
تجريدُ روحي وظِلِّي
(1)
يقول البطلُ إن البرق ضربهُ مرتين في حياتِهِ..
مرةً وهو يدفن الخطوات الهاربة في أطراف القرية
فصار رجلاً لامعاً حقاً ، نجماً وَضَّاءً وسطَ
العظماء و المجانين..
ومرةً أصاب قلبه،
فنبتت هالةٌ في قرنِهِ
واعترضت سفنَاً غَضَّةً
و ذكرياتٍ غاضبة…
.. والحقُّ أن هناك مراتٍ أخرى كثيرة
تذكَّرَ المُخرِجُ بأنهُ يهابُ الحوادث المقبضة..
فمرت مرور الكرام..
(2)
قصصٌ و حكاياتٌ تتمشى على جِلدها
و ريقها عفريتٌ يخطفُ الأرواح..
ظِلُّها يحبُّ دائماً أن يختفي منا في الغابةِ
وقلبُها طوفانٌ
وجبلٌ يعصمنا من الماء..
سأقول لها في الصباح
أنتِ أسلافي كلهم
ثم أفتحُ عيوني
وأرتعش..
(3)
هذا الفِطْرُ في الحديقة..
يصير ساماً كلما اقتلعتِ جِلْدَكِ من ملابسي..
ويعود طائراً.. كلما درتِ بإصبعكِ الصغير
وتَحَسَّسْتِ روحي…
(4)
يا أصدقائي ،أعترفُ بأنني جبانٌ..
فشلتُ في إنقاذ أي روحٍ منكم
لما سقطتم من جيوبي ومن عَيْنيَّ في
البحيرةِ..
ومن يومها وأنا عريانٌ
و قلبي زائغٌ..
لكنَّ الطائرَ أَسَرَّ لي مؤخراً
بأنني ريشةٌ حرة..
بلا بصماتٍ على روحي
ولا شهقاتٍ في حنجرتي
ولا ذكرى تثقل ظِلِّي
كلما عَدَوْتُ..
أو طرتُ في الجحيم..
*****
خاص بأوكسجين