لماذا تلعب بالجيتار، وحدك،
معي الآن “شفيقة”،
تعبر ممر الحجرات الملعونة،
كانت ستحب غجرية الجيتار أو وحدتك في نافذة تطل على فراغ، أو وقوفك عارياً ليلة المطر الثقيل،
وستضع بصمتها على أوتارك،
بحة صوتها ستصحب حزنك إلى ممر يشبه برزخ المراهقة، ينتصب في نهايته حلاق طبقات الشعب المنهكة، يقلد لها تسريحة النجمات والأمهات الباحثات عن الصبا الضائع على مقاعد دوّارة.
روحها هنا، تصلح مع جيتار، أو ساكسفون، يمتص مدينتك كلها في شهيقك الحارق، وعندما تصعد يا رجل فوق طاولة الرقص، بكامل أبهتك، تبهر الحالمات ببطل يولد خارج حجرات المستشفى العمومي، فإنها ستنزوي في صحبة رجل آخر، يدخلها حجرة تعذيب، تعد له العشاء وتحفظ له مكانته بين الرجال.
ستقول عنها الصدر الأعظم، وتتمرغ مع آهاتها في فانتازيا الأمهات الشبقات، رائحتها تستسلم لصابون، لا يفاوض على حضوره، وألوانها تشع وسط فوضى، قديمة، تحتاج ظهورك بالناي لتبحث معه عن شجرته.
الممر طويل، يا رجل تنتظرك العائلة، تحمل عصاك وترقص على خشبة احتفال زفاف حبيبتك التي قفزت من طائرتك، رقصة الجريح مضحكة الآن وأنت بجناحك الجديد تطير فوق “كراج” السيارات القديمة، وتصفر لها على طريقة محمد فوزي مع ليلى مراد، لكنها لم تكن ليلى، وكنت أنت مجرد عبد المطلب الحائر بين الفلاحين وموظفي “شيكوريل “.
في لحظة الهبوط تسقط في نافذة البلغارية الهاربة من جواري الملكة الشريرة في “المماليك البحرية”، تنفض معها أمومة بدون فرويد.
لماذا تشكو شفيقة، إليها، بعد أن زارها كابوس رأت فيه شعرها يطير، وهي تلهث خلفه بجسمها العاري إلا من حمالة صدرها الثقيل.
..كوابيس شفيقة، اختبأت في الساكسفون أخيراً، ذلك المستقر وحيداً ينتظرني في حجرة واسعة نهاية الممر.
____________________
شاعر وكاتب وصحفي من مصر
الصورة من فيلم “حصان تورينو” للمخرج الهنغاري بيلا تار
*****
خاص بأوكسجين