الباب
العدد 289 | 25 آب 2024
صلاح الزين


 هذا النص من “كتاب المُهمَلات” الذي سيصدر قريباً عن محترف أوكسجين للنشر

 

الباب، لا كما الشبّاك، الباب فضيحةُ القمر عندما ينزوي خجَلاً من غَيْمةٍ بلا وسامة. هو نفي الشبّاك كمتلصصٍ بغير مدية. الباب هو أن تقول للريح ما أجملك وإنْ احتطبتِ زهور المساء.

 

ليس كالشبّاك كمخبرٍ يُخبِرُ عن لون الملاية وعطرها، البابُ سؤالُ الوضوحِ لما يعتلف كدابة تجتّرُّ. الباب يُخرِج الموتى وليس، كما الشبّاك، مفتوناً بفرح العطر وإنْ كان لجنازة. البابُ، مساحةً ضعف الشبّاك أو يزيد ولكنهما بِشرة ذات السرِّ ولونه.

 

نحتار، نحتارُ كيف للسر أن يكون سِرّياً وهو بذات قبّعة الخروج ولون الخيط والنسيج. ينتصر الشبّاك في معركةٍ بلا بهاء آن يكون الباب فجرَ الخروج لما زاد عن الوجود حتى يكون وجوداً بإله ورُسُلٍ وديانات!

 

من الشبّاك يتلصص ضوءٌ قلِقٌ بعجلةِ الوضوح، أو قُل، ضوء الشمس ولكن يظل الباب هدهدة النوم على جفون المخبوء فوق المخدة كامرأة معنيَّةٍ بفرزِ الذكورة من الأنوثة وصولاً إلى لذة العلكة والمصنع.

 

الباب، لا كما الشبّاك، ابن الله في وضوحه المُعلن، إذ به الدخول والخروج، لا كما الشبّاك ممرٌ للهمس والنسيم. الشبّاك يهمُس كانسياب الماء من علٍ، والبابُ معنيٌّ بارتطام العالي بالمنخفِض حتى يستقر كقطةٍ في قيلولة.

 

الباب، بلادة القصيدة، والشبّاك شهودٌ بأكثر من شَمٍّ وشَمٍّ كما البذرة حين تُزاوِج البلولةَ والطين. الباب وسادةُ اليقين، الشبّاك مساميرُ الأرق. الأول يطلُّ على الشارع، فضيحة الوجود، من تحتٍ لا كما الشبّاك البِطِلّ من علٍ فتصطرع جدارة الكينونة بين فوقٍ وتحتٍ فيكون للغيم والقمر حرية التوزُّعِ بين فوقٍ وتحتٍ وكلاهما فوق!

 

الشبّاك، لا كما الباب، يتلصَّص على بابٍ، تَحته، مفتوناً بالمؤسَّسِ والمأسسة، كأجراس الكنيسة وكآباتها ذات (أحَدٍ) رماديِّ الطعم أو (جُمعةٍ) بسروالٍ لا يستر عورة الخطيب والميكروفون. فالشبّاك يهمس والباب يفُحُّ! الشبّاك معنيٌّ بالمجاوِر ورنين التالي في الحيِّز، بينما الباب مخضوبٌ، كلعنة، بالآتي، وإنْ استحال طقسُ الإتيان. الأول معنِيٌّ بما يلي والأخير معنِيٌّ بما بعده، فيتنافران، يتنافران كعُشبةٍ تُطعِم وأخرى تنزوي.

 

الشبّاك طلّةُ الداخل على خارجٍ يتمايز عن الأول بعذوبة التلصُّص واستراقةِ النظر كقمرٍ تحجبُهُ غيمةٌ بغير احتمال الهطول. بينما الثاني كفقيهٍ بوضوءٍ مسهوكٍ بالتكرار وترديدِ الذي قاله في أمسٍ ليس بالبعيد.

 

من خللِ الشبّاك نكتبُ قصيدة عن بت[1] الجيران المزهوَّةِ بأنوثتها من غير أن ترانا، ومن فتحة الباب نخرجُ لافتضاح السِرِّي في السِرِّي في الوجود!

________________________

[1]  بنت

*****

خاص بأوكسجين


كاتب وناقد من السـودان، مقيم في فرجينيا بالولايات المتحدة الأميركية، صدر له في القصة: «عنهما والإكليل والانتظار» (1993)، و«وضعية ترفو حكايا لتروى» (2011). وفي الشعر صدر له: «عورة الماء»، كتاب صوتي (2023). كما له عدة ترجمات وبحوث ودراسات اجتماعية بالعربية والإنجليزية، ويكتب مقاربات ومقالات نقدية في الشأن السياسي والفكري السوداني.