صِنعَةُ الطيران
مَن رأى غَيمةً في الأعالي • ويريدُ الذهابَ إليها • الصعودَ • سيستَحي من عَورَةِ القَدمينِ • سيذمُّ فكرةَ المَشيِ • سينفرُ مثلَ حصانٍ ينفرُ من تقليدِ دجَاجَةٍ • المَشيُ – يقولُ – إلى حيثُ طينٍ آخرَ • صوبَ ماهوَ ثابتٌ • أيُّ مؤمنٍ هذا الذاهبُ صوبَ إلههِ مَشيًا على القدمينِ؟ • أيُّ مؤمنٍ بَخْسٍ؟ • الإيمَانُ جَنَاحٌ، والشوقُ الرفيفُ • وإذن؟ • راحَ، لا لوحدهِ/ بل مُرَافقًا ظلَّهُ، في تباشيرِ الصباحِ، إلى صَحرائهِ الشخصيَّةِ (معَ ظلهِ المفتاحُ) • وأخذَ، جالسًا كصانعِ جرَّةٍ، في حَفْرِ كَعبيهِ بدقَّةٍ • لا أريدُ فقدانَ الكثيرِ من الدمِ – يُخاطبُ ظلَّهُ – سأحتَاجهُ حينَ أطيرُ إلى غَيمتي • لا بإزميلٍ، وأدواتٍ معدِنيَّةٍ، بل بأهدَابهِ كانَ يحفرُ كعبَهُ الأيمنَ أولًا – تيامَنوا! • يا طيني الشقيَّ – يقول لهُ الظلُّ – دعِ الطيرانَ لأهلهِ، ولنمْشِ • لا – يردُّ – الأرضُ دائرةٌ، ولستُ بواصلِهَا إذا لم أكُنْ عمودًا من الأشواقِ مبنيًا – بنفسي على نفسي – من رُخَامةِ الطيرانِ /
اصمُتْ واجمَعْ ما تناثَرَ من دَمي • وكانَ يفكرُ: كم كانَ محمدٌ محظوظًا بغَارهِ؛ ولذا جاوزَ الغيمَ إلى الأبعَدِ • كانَ ينقصُ هُدْبُهُ هُدْبًا فهُدْبًا، فكانَ يُغمَضِ العينينِ غصبًا ويقاوِمُ • هاتِ ريشَةً من كلامي – يأمرُ ظلَّهُ – من أينَ، يا طيني؟ ابحث في قصيدي القديمِ فلابُدَّ ثَـمَّ الكثيرُ، لا عمَل للوحيدِ سوى جَمعِ الريشِ من طَيرِ أحلامهِ الساقطِ، يومًا بعدَ يومٍ، فجِدْ لي .. سَريعًا! • ولكنهُ تورَّطَ في مَزجِ الريشِ مكانَ حفرةِ الكعبينِ • ينظرانِ بَعضًا: مَنيي ليسَ صِمغًا • لا حلَّ آخَرَ • إذن، لن أستمني، دامَ الحالُ هذي، وأنتَ مَعي • ولن أذهبَ، يا ذَكيُّ، وإلا ستُلفيكَ، أبديًّا، سجينَ هذه الصحراءِ والمفتاحُ مَعي • هاتهِ واذهَب قليلًا • فَيُدلِّيهِ، بخُبثٍ، أمامَهُ: هُوذَا المفتاحُ يا عزيزي! • تبًّا – يقولُ، ويشتم بأقذعِ منها – وإذن؟ • ألم أخبركَ أن نمشي وأن ندعَ الطيرانَ لأهلهِ؟ • وَمَن أهلهُ؟ • الأنبياءُ والشعراءُ • ومَن أنا؟ • تلفيقٌ من الاثنينِ موهومٌ في طينَةِ اللاجدوَى! • عِندَهَا يُخرِجُ، الآمِلُ في الوصولِ إلى غَيمَةٍ، بيدينِ واهنتينِ، وقُروحُ الخيبَةِ بجَفنيهِ، قلبَهُ: أَعْلَمُ أنكَ هِرُّ البَشريِّ الجَبانُ ولكن تَشجَّعْ مرةً، وامشِ حتى الذُّرَى في جَبَلِ اليأسِ؛ قَد تمرُّ الغَيمةُ أعلاهُ/ وإن لَم .. فانتظِرهَا!
تَــطْــييرٌ
إيهِ أنتَ، يا مَن تنامُ • أفِقْ من رَمادِكَ • رَمادُ الكوابيسِ حَجَّرَ أمواهَ صوتِكَ • أتتكَ عَنقاءٌ • أَفِقْ • واستَشَطْنَ نيرَانٌ • بأجنحَةِ اللهَبْ:
رَقِّشْ فحْمَ يأسِكَ بلسانِ الذَّهبْ!
أفِقْ • للرمَادِ علتهُ • للرَّمَاديِّ معجزَةٌ • في كفِّ قابضِ الجَمرةِ • التلوُّنُ • لسانُ النارِ فَـذٌّ في التهجِّي • أشِرْ إليهِ/ لهُ • ينظُرِ الطبقاتِ • يؤتيها الأسَامي:
سميتُكِ الأحمرَ يا إرادةُ،
وأنتُنَّ، يا الرغباتُ، أعمدةَ القِيامِ!
هنيئًا يالقائظَ نفسَكَ بشموسِ البصيرَةِ • سيأتيكَ الندى • تطويبًا • من أعاميقِ الحرَارَةِ • ثَـمَّ • مساربُ ظلِّ الماءِ • ذلكمُ • ما غيرُ مطرُوقٍ • عذبًا في فَمِ القلبِ • وكأنَّ كلَّ سِواهُ من الأمواهِ التُّرابْ:
زُرقَةٌ، آنَها، في المستحيلِ
ابيضَاضٌ، بعدها، في عُنُقِ الغُرابْ!
آتيَةٌ إليكَ • ها • بمَجامِرِ الذكرى • بمناقيلِ الحنينِ • برمادِ الفواتِ • آتيَةٌ • وابتسامَتُها قَدْحٌ • يا الهشيمَ القديمَ • قائلةً: لو نزلنا هُنا، وانتثرنا سويًا وانتصرنا على ضعفنا عندَ السيولةِ في الحرائقِ، وانحشرنَا في زوايا الضِّيقِ سَعةً للمصبِّ • ما ضَرَّ؟ • وتنسى لهجةَ المأساةِ أنتَ • في القَولِ، إذ تحفو على معاجمِ البؤسِ الغُبارْ:
فَهرسيني من جديدٍ،
بأحرُفٍ أُخَرٍ ليليةٍ في تآثيلِ النَّهَارْ!
لُــــغَــــةٌ خضرَاءُ صفرَاءُ غامِقَةٌ
طيرَاناتٌ مُصطَنعَة، 1
النَّائمَةُ الآنَ لا تدري بأني، الآنَ، في الأعَالي • جُزئيَ النائمُ، مثلكِ،/ حكيتُ لهُ قصةَ المِعراجِ فصدَّقها وخطفَ الدورَ لنفسهِ • لا تدري بأني تقطعّتُّ من رحلتي الجزئيةِ للأعالي، أنني كم وكم تَشَطّرْتُ مِزَقاتٍ ومِزقاتٍ من عبرويَ بينَ غيماتٍ وغيماتِ • ماذا أقولُ؟ • بنيامينُ دَّلَّنِي – هلِ افتُضِحتُ بأمري؟ – إذ دَّلهُ بودليرُ – وعُرِفَ بدربي؟ • الطريقُ واحدَةٌ وواضحَةٌ أما الطريقَةُ لي ولكمُ التأويلُ • هــرمــنــيــوطــيــقــا! • هذا يرِنُّ إذا ما ذاكَ كعشواءَ خَبَط! • وأنتِ، ياالبَعيدَةُ في نومِهَا ولي جَسَدٌ ههنا منكِ قُربي، أنتِ تأويلي • تأويلي لهذه الدنيا وتفسيريْ الحكائيُّ لهاتيكَ الدُّنَى • يا نومي إذ تنامينَ وأسهرُ • نعم، أسهرُ، فلي شأنٌ والأعالي. نَعَمَانِ، حتى، فناموا أنتمُ واتركوني حارسَ أُمّتي . بل، ثَلاثةُ أنعُمٍ، أيضًا، فَلي عَملي الإلهيُّ • يا للعبط! • أن أحرسَ جِسمَها!! • مِمَّن؟ من حرَسي والجيوش .. • أهوي وأقومُ لأهوي وأقومُ • لساني ليسَ معي • كيف أسكتُ عداكَ أحكي! • بهذا الضياعِ؟ • فمَن، إذن، باللهِ، يَدلني على بداية الموضوع؟
النَّائمَةُ .
مِن عناكبِ الصمتِ حتى عَقاربِ المَعنى
طيرَاناتٌ مُصطنعَة، 2
دَمي خَمرُها • يقولُ لسانُ عَينيها! •
مَن رَبَّى عناكبَ الحُلقومِ فيَّ؟ • آهِ، يا كلماتي الذُّبابَ • ثمتَ كرمَةٌ عندي مُدَلَّاةٌ، نَعَم! جسدَيةٌ؛ لكنَّ دَمي ليسَ بخَمرَةٍ • كيفَ؟ • وقلبيَ، هذا القلبُ: أو، وَعدُ النافذَةِ المنكوثُ بالضوءِ يهزُّ رأسَهُ عندَ مرآكِ، يَمنةً يَسرَةً أنْ لا؟ • كلما رفعَ الروحُ عيونَهُ المليونَ، أعلى إليكِ، صُبَّ عليهِ الرَّصاصُ المُذَابُ، صُبَّ عمى اليأسِ، وأُسدِلتْ ستائرُ من يَدِ مَلاكٍ ما عَجوزٍ • مَلاكُ مَن هذا؟ • مَلاكُ ظلكِ اليائسُ المأفونُ • قُصَّتْ جناحَاهُ، وبُدِّلَ بالأظلافِ، جُرَّ صوتهُ لبُحَّةِ الظمأ، فُقئتَ عيناهُ ليُعطى نبوءاتِ السرابِ، جُرِّدَ من صحبهِ الملائكِ واستنكرتهُ الشياطينُ ليُعطَى صُحبتي! • لا خَيبةُ المَسعَى هذه، ولا بؤسُ المَصيرِ – ماذا أقولُ؟ – انظُرِ القرآنَ • أ َعلمينَ: أعودُ، أواخرَ الليلِ، أحيانًا، لغُرفتي وأحادثُ الوسادَةَ على أنها أنتِ/ فتبكي مكانَ الدموعِ الرِّيشَ، وتئنُّ من أرَقٍ: إنَّهُ، لنا نحنُ الوسائدَ، مثلما المَوتُ لكم أيها البَشرُ، يَقينٌ يخلبهُ الشَّكُّ، مَحيًا يُشبِقهُ العَدمُ، فَناءٌ يتذكرُ الذَّرَّ خطفًا. لا تَنم عليَّ/ وفيَّ نَمْ: لكنني، آهِ، لستُ بريشَةٍ! • إلا في مَهبِّ الآخرينَ • وجبَلٌ أصَمُّ في عُزلتي: أنتَ، أوانَ تُهاجِرُ الأسمَاكُ منَ البحارِ وتسكنُ – إذ تطردُ المُثُلَ – السماءَ، أوانَ يُظلُّ الأرضَ عبورُ حوتٍ أمامَ الشمسِ عِوَضَ غيمةٍ، وحينَ تقتتلُ الحكوماتُ على تُراثَاتِ المُحيطِ، آنَها، حَسْبُ – فهل يأتي؟ – أحبُّكَ يا قاطنَ المرآةِ! • عندما حَكَّني صوتي قلتُ قصيدَةً؛ فإذا بَلغمٌ • عندما بَسِمَتْ لي قلتُ رغيفي؛ فإذا علقَمٌ • عندما جاءَ الغرابُ قلتُ درسٌ؛ فإذا هابيلُ مَن قَتَلْ • عندما يَبِسَتْ رُكبتي قلتُ مَوتي؛ فإذا مَسردٌ من خَبَلْ:
يَدقُّ خَواصرَ الآبارِ،
عُيونَ الغَيمِ،
سُرَرَ المُحيطِ،
رُكبَ الليلِ المُضيئاتِ •
يَدقُّ بِعُقلتَيْ خِنْصَريهِ،
بكعبيهِ من الداخلِ،
برُسغِ يُمنَاهُ،
بحَافَةِ الكتفِ،
بمِلحِ الدمعِ،
بكِذْبَةِ الضحكَةِ،
بجَذرِ اللسَانِ •
يَدقُّ أوانَ تَباشيرِ الفَجرِ،
في لَيمونَةِ الضُّحَى،
حينَ بزيتِ الظهيرَةِ تطبخُ الشمسُ الشوارِعَ،
آنَ تُعيدُ السماءُ مشهدَ كبشِ إسماعيلَ،
وَسْطَ بطاطينِ القَارِ،
معَ نزولِ اللهِ للطابقِ الأرضيِّ •
يَدقُّ بحثًا لا عَنِ المَاءِ • وَعَن صورتهِ الأخرى • صورَةِ الروحِ • ذاتِ اللا ألوانِ • صورَةِ – • اللا مُوجَبَةِ • إذ في ذاكَ الذي فيها – آخريَ المحايدُ تِجاهَ الألوانِ والمَلامحِ – يربِضُ في جيبهِ المِفتَاحُ الذي أحتاجُ • مِفتَاحٌ هوَ، في آنٍ، معدِنٌ وحيوَانٌ لاعِبٌ – سِنجَابٌ معدِني، وحَيٌّ – يفتَحُ الأعيُنَ المغلقاتِ عَن أنواتِها: هذا ما أريدُ • مسارِبَ ما خفيّاتٍ إلى أنايَ في تَقنْفُذِها مِفضياتٍ •
يَدقُّ،
ولا جوابَ
ولا مُجيبَ
ولا حتى الذي هوَ في الصورَةِ
آخَرَهُ الساكنَ منفى الحيادِ
بَارِدٌ بإزائهِ!
لا تيأسَنَّ: ودُقَّ، دُقَّ، دُقَّ
حتى يَدُقَّكَ الليلُ
بحثًا عن معَانيهِ:
يُخالطُ قولَكَ قَولُهُ • يُخالطُ قولُكَ قولَهُ • هل أنتمَا الاثنانِ في وَاحدٍ؟ • خُذني، أنا الليلُ، كُلي ثقوبُ أبوابٍ ولا مفتاحَ لي • ليست أنجُمي بعُيونٍ: هُنَّ أحلامي بلثمِ الصُّبحِ جِيدي! • للصباحِ أسطورَةٌ، أنهُ لوحَةٌ من قديمٍ، رسَّامُهَا الأبيضُ/ آزالَ كانَ رَفيقَ الإلهينِ – الجَمالِ، الجَلالِ – قبلما حَطَّهِ إلى لونٍ ( قصةٌ أخرى )/ إذ بَلَغَ الأربعينَ في غَارهِ حيثُ الشمسُ تُثغثغُ بينَ يديهِ طفلةً فأهداها الصباحَ؛ لوحةً لا فَرَاشٍ في اشتغالهِ عليها بل مُقَلٌ، وآنَ حطِّهِ لونًا ( في القصةِ الأخرى ) انسَربَتْ من الأشعَةِ خِفيةً عن اللهِ وعادتْ مُقَلًا في آدمَ إذ قلَّبَ الأسماءَ • أما القصةُ الأخرى، حكايةُ الحَطِّ، فسهلَةٌ/ بلا تفاصيلَ موحشةٍ/ فإنها حدَثُ طبقيّةٍ إذ أبَى السوادُ السجودَ فهنأهُ البياضُ على شجاعتهِ ما أغضبَ الإلهينِ • وها نحنُ، الليلَ أنا والصباحَ، سُرِقنَا حتى الأساطيرَ • قلتُ: الحشيشَةُ صاعقَةٌ، أصليّةٌ، وأصيلَةٌ هزَّتِ الأعصابَ وأوهَمتها أنها خيوطُ أقداري! • المِقَصُّ أينَ، إذن؟ • لا عنِ المَوسى سألتُ، عنِ المِقصِّ • في النومِ؟ • وإذن:
تُصبِحونَ على موتِ عناكبِ الحُلقومِ في قَهوةِ الإفطار!
سيِّدُ كلِّ الهُنَاكَاتِ
طيرَاناتٌ مُصطنعَة، 3
وحيدٌ وقَاصٍ • على رَغمِ أنكَ بينَ الجُمُوعِ • وأفعَى التأمُّلِ تسعَى/ تلوبُ على حاجبيكَ •
وعينُكَ تقدَحُ، مَـرًّا • وتخبو مِرَارا/
فقُلْ ليَ: مَن هُوَ رَبُّ الحيَارَى؟ •
مَن هُوَ رَبُّ الوحيدينَ؟ •
مَن هُوَ رَبُّ العِطاشْ؟ •
للأخيرَةِ لا؛
ليسَ الماءُ رَبًّا/ هُوَ الماءُ مَاءٌ • وليسَ العِنَاقُ برَبِّ الوحيدِينَ؛ رَبُّ العاشقينَ/ وقُرآنُهم قُبَلُ • التيهُ صلاةُ الحيارَى، لكن لمَن هذي الصلاةُ فلستُ بِدَارٍ! • مَن يدري بأنهُ لا يدري فهوَ يدري • مَن ليسَ يدري ما الدرايَةُ أصلًا هوَ اللاأدريُّ الأصيلُ • وليسَ الوحيدُ الذي وحدَهُ، بل هوَ مَن في قلبِ وَحدتهِ يكونُ وظِلَّهُ صامتَين • أمَّا الأُلَى جَرَّبوا شُربَ الهيمِ فهمُ العِطاشُ العِطاشُ/ والسِّوَى في مَراتبِ الدَّعَوى؛ بَعدُ، لم يَعرجوا •
وحيدٌ ونَاءٍ • وأفعَى الحواسِّ ترَى من خِلالكَ أنتَ • وحيدٌ .. وشيكٌ غَرزُها النابَ في شَفتيكَ •
لِسَانُكَ عَمُّهَا أو ربما خالُهَا الفَاحشُ •
يُراوِدُها إذ ترودُ مَلامحَ ظَنِّكَ/ يكيدُ بِها/
يُكابِدُ حُرمَ القَرَابَةِ/ يَكمُدُ ثلجةَ الأخلاقِ
بينَ نهديهِ • ويكرَهُ حَكَّ الوصايا •
سَيُقَدُّ – لا ريبَ – ثوبٌ، قريبًا/
مِنْ قُبُلٍ
أو دُبُرٍ
أو جُنُبِ:
عليهِ سنعرفُ
من هوَ
في التيهِ رَبٌّ
ومن هوَ
في المَتَاهِ رَبِ!
لُفَافَةُ الرُّؤيَا
طيرَاناتٌ مُصطَنعَة، 4
لا تحتَ تأثيرِ .. بَل فوقَ أثيرِ الحشيشِ كنتُ • إذ قلتُ: يا زَمَنُ، ها لُغزُكَ بينَ يديَّ مفضوحًا • كَمْ حَسبنَاكَ النهرَ مُذ سيدِ النَّارِ القديمِ ما قبلَ سُقراطَ حتى اليومِ • وأنتَ – مفضوحًا لديَّ – لا سِوَى المرآةِ مبسوطًا بأسفلِنَا: نَعدُو فنَعُدُّ خُطَانا مُضاعَفَةً/ يا خِدعةَ اللهِ الصقيلةَ! • كلما أحنيتُ رأسي لأنظُرَ المِفتاحَ وأطمئنَّ، رأيتُ، أدنايَ، وجهي فيكَ، فأضحَكُ • لا أنا نرسيسٌ ولا أنتَ نَهرِي: أنا المَاشي – بِرَغْمٍ – وأنتَ عَدَّادُ خُطايَ، مُحَاسِبِي الهَرِمُ الإلهيُّ في دائرَةِ الدَّهرِ الشيوعيّةِ • متى تُحَالُ إلى التَّقاعُدِ؟ • أوَانَ تصحو القيَامَةُ؟ • لا تزعَلَنْ مني، وتُضاعِفَنْ خُطايَ أكثرَ • كن رضيًّا كمثلي مَزُوحًا! • رأيتَ أكثرَ مما وُعدتَ بهِ • أدري • كثُرَتْ تجاعيدُ الحروبِ على ساعديكَ • أدري • تقوَّسَ ظهرُكَ من فرطِ الثُّقُولِ • أدري • لم نُنصفْكَ إذ رَتَّبناكَ بعدَ اللهِ • أدري، ويَدَّرُونَ! • برغمِ هذا كن مَزُوحًا معي: أنا فضيحتُكَ السَّخيفَةُ بالحَشيشَةِ، مُخَلِّطُ التَّشبيهِ بِبَلوَى حاضرِي، الدَّهْرِيُّ الأخيرُ • وأنتَ لو تَنظُرْ إليَّ الآنَ تَصِرْ نرسيس!
*****
خاص بأوكسجين