إلى رامي عمران كثيراً جداً
من سان فرانسيسكو إلى دبي…
في المسافة متسعٌ، والوصول ألا نصل أبداً.
لم تكن أمطرتْ بعد، ولا كنّا في واردِ أن نفكّر بما تدّبره السماء، فالأرضُ صلبةٌ، واثقةٌ، قادرةٌ على حمل كل هذا الانتظار.
الحب مطارٌ يتشبث بك.
طائرة تحلّق فقط.
لا إقلاع ولا هبوط.
من سان فرانسيسكو إلى دبي…
15 ساعة في الأجواء و11 ساعة ترانزيت، والساعات الأخيرة تلك أنتَ من خلقها، وهي مَنْ انصاعت إليكَ صاغرةً، مأخوذةً بتلك الطاقة العجيبة على مواجهة الزمن، وعلى إلحاق الهزيمة تلو الأخرى به، ضارباً عرض الحائط بحقيقة أنه “ضريح الآمال والرغبات كلها وأنَّ أحداً لم ينتصر عليه[1]”
الحياة ترانزيت يا صديقي.. وأنتَ من ترانزيت إلى آخر؟
هل لي أن أقول ذلك! وقد وجَدتُ في ترانزيت واحدٍ مستقراً، ولم يعد نقطةً فاصلة ًبين طائرةٍ وأخرى، بل أشبه ببرزخ أتفانى في أن أحياه، بينما أهزأ بالموت، أكادُ لا أتبيّنه من شدّة الحياة وكثافتها.
تعتعني السُّكْر، وتعتعك أكثر بعد 21 ساعة لم تنم فيها. تارةً متكئين على الأرائك وأخرى على بلاط الصالون.
الحبُّ هو الوفاء لما نشعر به.
الحبُّ ألا نبالي بالخاسرين.
أن نُرهف السمع لمطر أهونَ من ريش.
من سان فرانسيسكو إلى دبي… ثم بيروت.
ودعتك فأسفرت السماء عما كانت تدّبره.
أمطرت! نعم أمطرت مطراً:
“يَسّـاقَطُ أهونَ من ريشٍ
لا وقعَ
ولا سـمعَ …
ولكن النبتةَ في الغرفة تهتزُّ قليلاً قربَ النافذة.
النبتةُ تعرفُ، مثلي، أن المطر الأول يأتي بملائكةٍ…”[2]
———————-
[1] من رواية وليم فوكنر “الصخب والعنف”، وتحديداً حين يتلقى كونتن ساعةً كهدية من جدّه وما يخبره هذا الأخير عن الزمن.
[2] من قصيدة سعدي يوسف “مطر خفيف”.