كم الساعة الآن؟
من الضروري أن أتبين الوقت وأنا أرمقك من بعيد! للشمس أن تحدث فرقاً، ولقلم الفحم أن يريق ظلالاً وفيئاً ولطخات ألم استحالت تغضنات على وجهك الأليف، وهو يصوغ ملامحك متسقة مع روحك المترامية، أما أعماقك السحيقة فجلية بما يفوق شعاعاً هارباً، وشروقاً على غير موعد.
لعنة مكيف الهواء متواصلة، من زمهريره إلى شمس حارقة، ويبدو أن الجسد لا يتكبد عناء، ولا يشتكي، أما الروح فعلى ضلالها، والأحلام معتدلة، ليس هناك ما يشير إلى درجات الحرارة التي تنشط فيها. كل ذلك تعرفه جيداً، فأنت صانع مناخات، وواهب طقس.
وكما كنت تقول: الوقت كما الطقس..بارد ومعتدل وحار، لا حاجة له لدرجات كما هو الوقت لا يقاس بساعة.
حسناً سأتوقف عن تبيان الوقت، لك الأوقات مجتمعة ومتفرقة، سريعة ومتباطئة، سأصم أذني عن العقارب، وأرفع ناظري عن الأرقام تتوالى وتتلاحق، وأرمق الشمس وهي تتهددني بغروبها أو شروقها لا فرق! لكن عليّ أن أخبرك بأنني أمسيتُ نهارياً وللدقة “فجرياً” استيقظ ولم تفرغ السماء تماماً من ليلها وأكتب كالمحجور عليه، وبالأمس فقط أنهيتُ رواية جديدة أمضيت في كتابتها سبع سنوات، وللأمانة ما من بهجة ولا مسرة في الأمر، بل فراغ مترام، وهذا هو بالتأكيد الفراغ القاتل.
وعدا ذلك ما من أخبار جديدة، ما زال الصراع محتدماً في سبيل هدف نبيل جداً ألا وهو المساواة، بحيث نكون كسوريين متساوين بالمأساة، وما من نجاحات تذكر في هذا الخصوص، إذ إنها – أي المأساة – ليست وقتاً ولا طقساً بل درجات.