نية الفصول الثلاث
العدد 153 | 02 حزيران 2014
قيس الزبيدي


يصل المخرج والناقد قيس الزبيدي في هذا المقال إلى “فصول السيناريو الثلاث” ضمن سلسلة مقالاته التي تنشر في هذه الزاوية تباعاً، لنكون في النهاية أمام منهج متكامل لكتابة السيناريو:

يستمر سوء تفاهم بين الكتاب والنقّاد المتمثل بالتمسك بما يسمى الفصول الثلاث، وهو امر تقليدي يعطل مهمة الكتابة الابداعية. وهذا فهم خاطىء لأن علاقة الفصول الثلاث بالحكاية يشكل أساس أي دراما . فنحن نبدأ  الحكاية أولاً من  إيجاد فكرة  فنية  لنصل تدريجياً إلى  ابتكار حكاية السيناريو الذي نريد انجازه. وهذا يترك لنا حرية اختيار  العلاقات الدرامية لبنية الحكاية بواسطة الحبكة التي هي أداة بيد الكاتب  لترتيب  بنية حكايته.  والفصول الثلاث هي واسطة في تقسيم زمن الحكاية: بدايتها ومسارها ونهايتها، مهما كان الأسلوب الذي يختاره المؤلف في عملية سردها.

منذ آلاف السنين تكتب الناس مسرحيات. وقبل 150 سنة كتب غوستاف فرايتاغ كتابه “تقنية الدراما” حول قواعد الدراما الأصولية والذي ما يزال راهنياً. ومنذ أكثر من قرن بدأ الناس يكتبون للسينما ومنذ حوالي 50 سنة للتلفزيون.

الفصل يعني جزء من الدراما. والمسرحيات تتألف ربما من فصلين وأحيانا من ثلاثة الى سبعة فصول والحكاية تسرد كذلك في فصلين أو أكثر .

لكن في الوقت نفسه تتألف كل هذه الأعمال الدرامية أساسا من فصول ثلاث. أي توجد دائما ثلاث مراحل للحكاية: الاستهلال والتطور (المواجهة) والحل.

سنحاول الآن فحص مبدأ الفصول الثلاث، أي سرد المراحل من الناحية المبدئية. 

1. الاستهلال/ البداية:

يؤسس الفصل الأول الحكاية ويقدم الشخصيات الرئيسة ويوضح رغباتها حسب طول الفيلم العام، الذي يستغرق 90-120 دقيقة، في حوالي  25-30 صفحة. ويحتوي الاستهلال “البداية” والحدث العام في الفصل الأول ونقطة تحول الحبكة Turning points 

2. الوسط/ المواجهة: 

السؤال المفتاح في الفصل الثاني هو ماذا يحدث في الفيلم وكيف يسير الحدث وما هو النزاع الأساس، الذي تنخرط فيه الشخصيات وتواجه فيه العوائق وتصارعها بهدف تجاوزها وحلها؟  وكان كيتون  Keaton يقول بأنه يلزم لعمل فيلم جيد أن تكون هناك بداية و نهاية ولن يبقى بعد ذلك سوى أن تضع كل شيء في  الوسط. وتستغرق مدة الفصل الثاني حوالي 60 دقيقة. 

ولكي تتمكن من الوصول إلى الهدف النهائي الدرامي، انطلاقا من الصراع بين رغبات الشخصيات والشخصيات المضادة علينا أن نربط الأحداث دراميا بما قبلها وبما بعدها من أحداث، وفقا لمبدأ السبب/ النتيجة ويتم هنا عرض الأحداث وتفصيل دقائقها عبر بلورة الصراع وتسارع الأحداث وربط العقدة حتى بلوغ ذروتها قبل الحل بقليل. 

3. الحل/النهاية:

تدور أحداث الفصل الثالث حول حدث أو فعل ينهي الحكاية، بحل النزاع، فعل يؤدي إلى تخفيف التصاعد ويقود إلى النهاية، التي لا يأتي بعدها شيء؟

يتم تجزئة التخطيط الأولي خلال العمل، أي تجزئة كل فصل أساس من الفصول الثلاث وفقا لتفاصيل ولحظات إثارة ولحظات توتر ووفقا لبنى التوتر والفضول والمفاجأة الداخلية. وداخل كل فصل من هذه الفصول الثلاث توجد التقسيمات التالية في ترسيمة توضح ببساطة بنية السيناريو وتبدو مثل لوحة معلقة على جدار. هنالك بداية ووسط ونهاية محددة، وموضع تتحول عنده حبكة البداية إضافة إلى موضع يتحول عنده الوسط إلى النهاية. إنه حسب فيلد شكل، وليس معادلة:

  الفصل الأول                              الفصل الثاني                     الفصل الثالث      

 

 الاستهلال                          المجابهة                                   الحـــــــــــل                                            

أ———————-


مخرج ومصوّر وباحث سينمائي. رائد من رواد السينما التسجيلية العربية، من أفلامه التسجيلية: "بعيداً عن الوطن""، و""فلسطين سجل شعب""، و""شهادة للأطفال الفلسطينيين زمن الحرب""، و""وطن الأسلاك الشائكة"". وقدّم روائياً ""الزيارة"" 1970 وهو فيلم تجريبي قصير، و""اليازرلي"" 1974 فيلم روائي تجريبي طويل عانى من لعنة الرقابة أينما عرض. من كتبه: ""فلسطين في السينما""، و""المرئي والمسموع في السينما""، و""مونوغرافيات في تاريخ ونظرية الفيلم""، و""مونوغرافيات في الثقافة السينمائية""."