لا عزاء للسينمائي في IMDB
العدد 188 | 01 آذار 2016
بهيج وردة


بالدخول إلى صفحة المخرج السوري الراحل نبيل المالح (1936-2016) على IMDB لن تجد سوى ثلاثة أفلام أنجزها كمخرج هي «الفهد» (1972)، «بقايا صور» (1981)، «كومبارس» (1993)، ويرد اسمه ككاتب للفيلمين الأخيرين، فيما تشير كل الأخبار والحوارات، أن في رصيده أكثر من 150 عملاً سينمائياً بين روائي ووثائقي. 

أين غابت بقية النتاجات؟، وكيف لا يكون فيلم مثل «البحث عن شيخ الشباب» الذي يتناول الزعيم الوطني فخري البارودي موجوداً على سبيل المثال؟. في الوقت الذي تجد فيه تفاصيلاً أكثر على صفحة ويكيبيديا المذكورة، إلا أن ما يغيب عنها أكثر مما يحضر، وبالعودة إلى صفحة إيبلا برودكشن (299 شخص معجب بالصفحة حتى لحظة كتابة المقال) شركة الإنتاج التي أسسها الراحل، لن تجد ما يكفي فضولك أيضاً، إذ لطالما كان خياره غيرياً، وستتعرف إلى المدرسة التي تركها الراحل، والإرث الغني الذي ساهم في خروجه إلى النور. 

مع كل غياب لمبدع يقفز السؤال عن أعماله إلى ساحة الوعي، أين هي؟، وكيف تستمر في الحياة من بعده؟. فكيف بالحري مع «السيد التقدمي» نبيل المالح صاحب الكم والنوع في السينما السورية. 

لربما يتحمل المالح جزءاً من المسؤولية في عدم اهتمامه بالتوثيق مقابل العمل الشاق الذي يمارسه، وعدسة الكاميرا التي يسلطها على كل ما يحب، فيما يتحمل جزءاً آخر شركاء العمل من الشباب الذين شاركوه الهم في أفلامهم –على الأقل. 

ما يميز الموت هذه الأيام هي القصص. كل يكتب قصته، وبالتأكيد هنالك الكثير من القصص، إذ لطالما عمل مع كثيرين ولكل منهم حكايته، وتتمنى ان تسمعها، او بعض الخفايا التي كانت حبيسة الأدراج، وآخرها المنشور الأخير على صفحته في فيسبوك التي تعلم من خلالها، عن فيلم «ابن لادن» الوثائقي بناء على اقتراح الصحفي ابراهيم الجبين وتم تصويره في اللاذقية، وصادرته المخابرات ونشر في مقالة صحفية كتبها صاحب الاقتراح.  

غداً، حين تنتهي طقوس العزاء. سيعود المشغولون إلى أعمالهم، وإلى محاولاتهم الحثيثة في الحياة –ولهم العذر طبعا، إلا أن الباقي هو قاعدة بيانات تضم سينمائيين من العالم، وتمثل مرجعية أساسية للكثير من الصحفيين والكتاب، سيكون لغيابه عنها الأثر الأكبر في التلاشي التدريجي لأعمال رجل قال في حوار صحفي أن “ما أنجزه لا يمثل سوى 10% مما يخطط لإنجازه”. المفارقة أن هذا الكلام حديث في الوقت الذي كان يقترب فيه من الثمانين. 

وربما سيكون من الصعب على أي باحث إيجاد نتائج تشبع فضوله من حوارات ومقالات تناولت صاحب «عالشام ..عالشام» بسهولة، بعدما غرقت الشبكة العنكبوتية بسيل من النعوات الأنيقة التي تتناسخ ما كتب في عجالة، وتكرس أفلاماً بعينها، فيما مصير البقية النسيان. ألا يستحق السينمائي الأنيق مصيراً أفضل في IMDB.


كاتب وصحافي من سورية مقيم في كندا.