خطتي للفناء بك
العدد 247 | 06 أيلول 2019
زياد عبدالله


في الضوء تتلامحين. أما العتمة فلكِ تماماً، تتولين أمرها بلا ريب، بإنارتها إن شئتِ، أو إغراق كل شيء بها، كما في طوفان لا يُبقي ولا يذر، وللأريكة أن تمسي فُلكاً، أما السرير فيدفعني لأن أصرخ كما بحار تقاذفته الأمواج: اليابسة اليابسة.

لا أخفيك بأنني أفكّر جدياً بامتلاك قدراتٍ خارقة، إلا أنها خاصةٌ بك تماماً، لا تتضمن مهاراتٍ في النجاة، ولا تقي من المحتوم، بل أشياء من قبيل تخطي المكان والزمان، كأن أتمكن بغمضة عين من ألا أفارقك، أن أصحبك الدهر، أن أتسلل إلى غرفة نومك وأنت منهمكة ٌبإرضاع طفلتك، أن أقتحم عزلتك وأتسرب إلى أحلامك، أن أتفقد أعضائك وهي هاجعة ومشرئبة، وأنا في فجوة من جسدك، في ثنايا رحمتك، وواسع رقتك.. أن أعتنق السذاجة، أن أقدّسها، وابتهل إليها بورع.. السذاجة المنزَّهة عن الخطأ أبداً.

وذلك للأسف يتضمن مهارات في حياكة الأقدار، ورتق ما يحيل بين نسيجٍ متسقٍ نحوك، وترتيب الإعجاز والاتيان بقدراتٍ إضافية، “فإذا عظم المطلوبُ قلّ المساعد”، وأنت المطلوب والمساعد، أفنى عن طيب خاطر بكِ، وأُبعث وقد بددتُ كل المعجزات في توقي للفناء بكِ.

 


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.