بذور الجحيم
العدد 165 | 21 كانون الثاني 2015
زياد عبدالله


حدثت في الآونة الأخيرة منعطفات تاريخية كالتي تحدث ها هنا كل حين، لدرجة أمست فيها تلك المنعطفات أشبه بفصفصة تلة هائلة من بذور عباد الشمس، وفي رواية أخرى من بذور اليقطين كونها بيضاء بلون رايات الاستسلام الخفّاقة.

بدت الفكاهة قاتلة، وبهمة أبطال الألعاب الرقمية الأشاوس عاد البريق لعبارة من نوع “لا نامت أعين الجبناء”، وعليه تم تخليص الإيمان من براثن الساخرين، والحفاظ على هالة القدسية التي تحيط بوجهٍ من الممنوع حتى تخيّله، ولو كان ذلك جراء إيمان ووله به.

لم يتوان المتجهمون عن ممارسة حريتهم بالتعبير عن سخطهم وغضبهم على من قتلوا بما اقترفت أيديهم من حرية تعبير، وكان على الملايين في هذا العالم أن يصبحوا أنوات شارلي الحزين، وتوسيع مجالات البحث المتعلقة بالنيل من المجرور الذي نعيش فيه، بفتح مجارير أخرى، وإلقاء حمولات جديدة من الفضلات، بحيث تصبح تحركات الحشود المهتاجة أكثر تخبطاً ونتانة، وتحويل كل نكتة سمجة إلى نكتة قاتلة، بالاعتماد على جمهرة من المحللين والمفسرين الذين لم يخلصوا إلى شيء.

لا جديد في كل ذلك، كومة من قشور البذور، لتكنسها الريح، وتحلّ تلة جديدة من بذور تسجية الوقت في هذا الجحيم. 


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.