الضربة القاضية
العدد 246 | 01 آب 2019
زياد عبدالله


أحبَّ صديقي مُصارعةً! فأمضيت الأشهر الماضية أتخيل نزالهما في السرير، ومن يثبّت الآخر أو يطيح بالآخر بالضربة القاضية؟ وحين أوردت التوصيف الأخير، قال لي صديقي:

– القاضية تحدث فقط في الملاكمة!

 فاعتذرت. وأردف:

– كلي أمل بضربة قاضية وأنا لا أفعل شيئاً سوى الترنُّح والتمسك بحبال الحلبة.

وانعكس ذلك على منامتي إذ خرج عليّ في واحدٍ منها مصارع سومو، تحوَّل فجأة إلى عارضة أزياء بجسد المصارع، وبالتالي اضطررت للاعتذار من مصمم الأزياء، إلا أنه لم يقبل اعتذاري، وحشرني في زي غريب وقال:

– هذا آخر أمل لك بالتنكر والنجاة. فإن عُرِفت فإنك مقتول لا محالة..

وراح يردد إلى ما لانهاية عبارة واحدة من أغنية لصباح فخري: فإذا تفتحت الشفاه ثواني .. نورت دنيانا .. و أحييتىي القتيل.

وكاجراءات احترازية في مواجهة القتلة شاهدت مئات المرات ملاكمة شابلن في “مدينة الأضواء”، وخلصت إلى أنه تكتيك خارق في منازلة أي خصم بما ذلك الحياة نفسها، تختبئ خلف شيء ما وتوجه ضربة كلما سنحت الفرصة وهكذا دواليك، وفي النهاية لابد من ضربة قاضية!

وبناء على ذلك أوقفت مشروعي المتمثل بتحولي إلى “أبو عضل” مثل “هالك” الأخضر المجنون، رغم أن الأمر بسيط لا يتطلب سوى التلاعب بانزيم أو بروتين في الجسم مسؤول عن الحد من النمو اللا محدود للعضلات، وقد جُرّب ذلك على فأر فصار “هالك”.

وهكذا اختبأت وتفرغت لكتابة وصيتي، وكلما قطعت شوطاً طويلاً أدى إلى كتابة مئات الصفحات، أضفتُ عليها وأفضت إلى مئات أُخر، وهكذا توالت الكتب، وبت أسدد ضربات ضد القدر وهو يرد بالمثل وأكثر، بانتظار الضربة القاضية.

 


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.