وما كان هناك سوى البحر
العدد 263 | 15 شباط 2021
تشارلز سيميك


أولاد المدرسة الشِّيبِ

يرى الرجالُ العجائزُ أضغاثَ أحلام،

فلا ينامون إلا قليلاً.

يمشون حفاة الأقدام

دون أن يشعلوا الضوء،

أو يقفون مستندين

على الأثاث الكالح

منصتين إلى ضربات قلوبهم.

 

النافذةُ الوحيدة في الطرف الآخر للغرفة

سوداء مثل سبّورة.

كلُّ عجوزٍ يقبع في وحدته

في غرفة الصّفِّ هذه، ينظرُ بحيادٍ

إلى خطِّ الطباشير النّاعم

الذي يشطرُ ما بين أن- تكونَ- هنا

عن أن- لا تكون- هنا- بعد الآن.

 

ولكن لا يهم. إنه كأسُ ماءٍ

يوشكون على تجرّعها،

ولمّا يحن الوقتُ بعد.

ما داموا يصغون إلى أصوات الفئران داخل الجدران،

وصوتِ سيارةٍ تعبر الشارع،

بينما الآباء الميتون يجرجرون الخطى أمامهم

وهم في طريقهم إلى المطبخ.

 

أواخر أيلول

شاحنة البريد تتجه نحو الشاطئ

تحمل رسالةً واحدة.

وفي نهاية الرصيف الممتد في البحر

يرفع النورسُ الملولُ ساقَه بين الفينة والأخرى

ثم ينسى أن يُنـزِلَها.

وثمة نذيرٌ في المدى

بمآسٍ وشيكة الوقوع.

 

خُيِّلَ إليك في الليلة الفائتة أنك سمعتَ التلفاز

في المنـزل المجاور.

كنتَ على يقين أن

رعباً جديداً كانوا يبثّون تحقيقاً حوله،

لذلك خرجتَ للتأكّد.

حافياً، لاترتدي إلا سروالاً قصيراً.

وماكان هناك سوى البحر وقد بدا الإرهاقُ عليه

بعدَ حيواتٍ لاتُحصى

من ادِّعاء الاندفاعِ باتّجاه مكانٍ ما

ثم لا وصولَ إلى أيَّ مكان.

 

هذا الصباح، الذي أوحى بأنه صباح أحدٍ.

أدّتِ السّماءُ دورَها

إذ لم تطرح الظلَّ على امتداد ممشى الشاطئ الخشبيّ

ولا على نسقِ الأكواخ المهجورة،

وفي وسطها كنيسة صغيرة

بدزّينةِ شواهد لقبورٍ رمادية متراصّة

كأنها، بدَورها، أصابها الرُّعاش.

*****

خاص بأوكسجين


من أبرز الأصوات الشعرية الأميركية المعاصرة. من اصدارته: "ما يقوله العشب"" (1967)، و""تفكيك الصّمت"" (1971)، و""العَودة إلى مكان مُضاء بكوب حليب"" (1974)، و""كتاب الآلهة والشياطين"" (1990)، و""قردٌ في الجوار"" (2006)، و""المعتوه"" (2014) وغيرها الكثير. كما فاز بجوائز عديدة، منها جائزة ""بوليتزر"" (1990)، وجائزة غريفين العالميّة في الشعر 2005، وجائزة ""والاس ستيفنز"" 2007، كما صار عام 2007 ""شاعر أميركا"" المُتوّج الخامس عشر."