قصة حقيقية | سوزان علي

العدد 208 | 19 آذار 2017

تقول جدتي:

إن أمي كانت تمشي حافية على الدوام

تتبع صوت طبول الأعراس البعيدة.

وإنها كانت تنتظرها

على عتبات الليل البارد

وعيون النوافذ تسهر على أغنياتها ولا تنام.

 

تقول  أميَّ :

حملتُ كتاباً لأحلمَ

وعصاً لأعرف طريق العودة

كانت القرية بعيدةً

وكان المطر مثلي بعيداً

رحت ألعب

وأهش القطيع.

 

تقول جدتي:

إن أمي لم تكن تحب الأمشاط

وإن شعرها كان نهرا

تشرب منه قطعان البراري.

 

تقول أمي:

ذهبتُ إلى مدرستي على ضوء سيارة

أسرعت فجأة

فضعتُ

ووجدت نفسي أمام البحر .

 

تقول جدتي:

إنها اشترت لأمي

آلة خياطة آخر الحصاد،

أحاكت للقرية أكماماً ودموعاً ومناديل

مرةً واحدة نسيت إصبعها تحت الإبرة

مرة واحدة فكرت أن تحيك قميصا لها.

 

تقول أمي :

رميتُ حذائي  في البئر

فاشتروا  لي مثله تماما

رحتُ  أنظر في البئر

كان وجهي المعطوبُ

يطفو هناك ...

 

تقول جدتي:

إن القرى جاءت

على شرود السراج

تزفُّ اسمنا

الغار في السلال

والحناء تعجن في الفجر.

 

تقول أمي:

تركوني وخرافي على السفح

أول الخريف

ضعت

غنيتُ

لم يسمعوني..

*****

خاص بأوكسجين

شاعرة من سورية

معلومات الصورة
الصورة من لوحات معرض الفنان السوري أنس البريحي المعنون "منال" الذي أقيم في غاليري "آرت سبيس" في بيروت. يمكنكم الاطلاع على زاوية فيديو في هذا العدد للتعرف عبر فيلم قصيرعلى حيثيات هذه التجربة المميزة.