شجرة وحبل غسيل
العدد 206 | 07 شباط 2017
آيات بكري


هل سبق لك وشعرت أنك بلا عائلة، لا تمتلك الشجرة العملاقة التي يمتلكها الآخرون، فتحاول أن تلصق أغصانك بالأعشاب البرية والجدران المتهدمة التي لا حاجة لأحد بها. شعرتُ بذلك وأنت تغلق الباب خلفك بعد أن تركتَ الشمس التي رسمتها بدقة عالية على الجدار الأبيض الوحيد في المنزل، خمنت سترجع لأخذ علبة السجائر التي تتركها متعمداً بعد كل شجار، لكنك تركتها للظلال المهشمة في رأسي.

نقطة الماء التي يتركها الصنبور تنزلق من فمه تشبهني/ الملعقة الخشبية الوحيدة في الجارور الثالث هذه أنا/ الكلب الضال في شارع 6 أكتوبر أنا/ نافورة الماء في شارع الشيخ ضاهر أنا/ البطة العرجاء التي تحمل لونا برتقالياً أنا/ الجرس الهرم في الطابق السابع من العمارة البيضاء/ الباب الذي لا يطرقه إلا عمال الصيانة في أيام العطل أنا/ الساحل الذي لم تعد السفن تعرفه أنا/ الجزر التي صنعتها البراكين الغاضبة ذات يوم وخاف منها السكان فتركوها محطمة البيوت والأزقة أنا/ علبة المربى التي تعفنت بسبب الوحدة أنا/ معجون الأسنان النافق في طرف الخزانة أنا/ وأنا ألبس قميصك الأزرق المجعد بسبب الغسيل أجلس على طرف الكنبة المتسخة بالجنس العنيف والذكريات عن الأفلام ونشرات الأخبار المكررة أفكر أنني تلك الشجرة.

هل سبق أن فكرت قبل أن تخبرني بانني الجميلة التي سيقع وحشٌ ما ذات يوم في حبها ولم يفعل أي وحش ذلك، وقلت لي أن مقاس قدمي الصغير سيجعل من حكاية السندريلا تأخذ شكلأ مختلفاً ذات يوم، وأن الكلمات عندما تخرج من فمي يصبح لها مذاق الشوكولا، وأن حرب المخدات في أيام العطل أفضل حرب حصلت البشرية عليها حتى اليوم. هل فكرت في كل ذلك قبل أن تخبرني إياه فقد كنت أتحول ببطء إلى خشبة مسرح مليئة بالمشاهدين مرة يضحكون، ومرة يبكون وكنتَ أحدهم ذات يوم .

سألني الرجل الذي يجلس خلف المكتب الضيق لمن تريدين تحويل كل نقودك، كان يرمقني بطرف عينه ظاناً أنني غبية بطريقة سأحصل يوما بسببها على جائزة الأوسكار.

 قلت اشتريت شجراً لأزرعه قرب بيتي.

– هه غبية، حسناً خلال سنوات عملي الثلاثين لم تمر فتاة تريد زراعة شجرة في أي مكان في العالم .

– حسناً، حولها، وسأحصل على جائزة الأوسكار عما قريب لا تقلق.

وثم أعتمدت على حسيّ العاطفيّ، الذي لطالما كان عدوي تماماً كالثعلب ذي التسعة ذيول في مسلسل ناروتو الياباني، لم يعطني أي طاقة في الوقت المناسب، لم ينقذني، و دائماً تركني أرتطم ويشج قلبي.

وأنت تضحك على القطط التي تغازل بعضها تحت النافذة وتنتظر أذان الصبح لتقول لي: حاجتك نوم يلا جنتنا بتنادينا”

ألم يكن الجنس أحد الطرق القديمة التي احتفظ بها الإنسان ليتذوق طعم الجنة!

فلماذا طعمها اليوم بهذه القسوة؟

هل تحصل السناجب على قيلولة؟

كنت تأكل الفستق الحلبي بطريقة السناجب، تربي ذقنك على نمط الكولا، تفتح أزار قميصك كمحارب ساموراي، وتنحني لتطلي أظافر قدمي باللون الأقرب إلى الوسادة المفتوقة في طرف الغرفة .

وكنت أجيد كنس الغرفة، ومسح الغبرة، وترتيب سريرِ يتسع لشخص واحد وحلمين، وأطهو الطعام بطرق شتى. وأطلق صيحة النصر لدى الهنود الحمر في كل مرة أغضب بها. ورغم ذلك كنت شجرة بدون عائلة. أتسلق على ظهور الأصدقاء ولم أنجح حتى اليوم في جعل حبل الغسيل خاصتي يمتلئ.

*****

خاص بأوكسجين


مساهمات أخرى للكاتب/ة: