خردة دافئة
العدد 195 | 25 تموز 2016
ماهر راعي


صوري ليست أنا

سأحذف كل صوري التي أبدو فيها مثل مستنقع ..
ففي واحدة ناجحة تشبهني كثيراً 
انتبهت فجأة إلى ضفادع تتقافز بملل من عيني ..
وفي الثانية كانت لحيتي وحلاً أسود

وملامحي علب فارغة روّعتني
بينما عادت إلي الضفادع في الصورة الثالثة

كانت مسرعة بنشاط الخائف هذه المرة

أعدادها أكثر

وألوانها مخيفة

والصمت يهيمن على المشهد برمته

حتى صوت ارتطامها بالماء لم يكن يسمع ..

كذلك سأحذف تلك التي أبدو فيها صادقاً لأنني كذبت

وتلك التي أبدو فيها حزيناً لأنني كذبت ..

سأحذف تلك التي أشبه فيها مئذنة واقفة دون سبب مقنع قرب البحر ..

–         ماذا تفعل مئذنة قرب البحر !!!!! –

وتلك التي تبدو فيها المدينة خلفي

 كأنها صديق مشاغب يصنع بأصابعه أذنان طويلتان فوق رأسي ..

سأحذف جميع صوري لأنها تشبهني تماماً..!!!

***

 

خردة دافئة

الأزرار في القمصان قلبها طيب ..

وكثيراً ما يشغلني الزر المرفق

ذاك الإحتياطي إلى أبد الآبدين

 فقد يصير القميص ممسحة مطبخ

ويبقى هو مثل حبة كرز ناجية و منسية في كرم الموسم الذي مرّ  ..

أزرار الياقة كومبارس بارع ..

العرى ثقوب شرعية في جسد القماش .

 

أمام محل الكلف والأزرار

بكيت كثيراً رفقة أمي

 ظننته محل ألعاب منمنمة !!

زاد البائع الطين بلة حين قدم لي رشوة كانت زراً على شكل سمكة حمراء..!

البائع المتعرق ذو الشعر المصبوغ والطقم البني

مرر يده أمام دموعي بحفنة ملونة من الأزرار

قال لي لو تسكت سأعطيك زراً آخر على هيئة سلحفاة .!!!

في صرة أمي الصغيرة

لم تكن الأزرار سوى نحن –أفراد العائلة – تعبرنا الفصول فنكبر..

 نبلى وتبلى ثيابنا ..

تكبر الصرة الصغيرة تكبر وتتلون

 وليس في قاموس أمي قلباً يطاوعها أن ترمي حتى ألعابنا المهشمة..

 أمي تؤمن أن زيت أصابعنا لا زال في كل تلك الخردة الدافئة…

*****

خاص بأوكسجين


شاعر من سورية. صدر له "مرمية هكذا في الهواء"" 2014"