اقتصاد الحاويات
العدد 202 | 10 تشرين الثاني 2016
صلاح باديس


1

 

كمن يلعبُ بمكعبات اللّيغو

يقضي حمالو الميناء وقتهم

في نقل الحاويات الملوّنة من مكان لآخر.

يشكلون بها أسواراً وجُدراناً

يبنون حصناً بحرياً ليحموا المدينة

من الأمواج

ومن السوق الحرّة.

 

من أعالي المدينة

يُمكنكِ رؤية الميناء،

خريطة صفيح ملوّنة

تفصِل بين بياض العُمران

والبحر.

 

2

 

الحاويات في الميناء

تحجب البحر حتى الأفُق

لذلك تتأخّر الشمس في الظهور،

وعندما تفعل

تبدو وكأنّ الرافعات

أخرجتها من البحر.

 

الوزير الأول يقول

أنّ الحاويات تحجبُ أشياء كثيرة

ورغم جمال ألوانها

إلاّ أنها صارت تسبّب خسائر للدولة،

لذلك صار عليهم التخلّص منها

والبحث عن بديل غير ملوّن.

 

3

هدّموا حصون الميناء

قمعوا ثورة الحمّالين

وزّعوا الحاويات على النّاس

ليسكنوا فيها

رموا السلع في البحر

فتحوا الميناء ليصير شاطئاً

وأخرجوا الرافعات لتعمل في البر.

 

الرافعات الصفراء الجميلة

التي كنّا نحسبها

تُخرج قُرصَ الشمس من الماء

مع كل شروق

صارت تتعطّل

وهي تُحاول رفع معنويات النّاس.

***

 

شواطئٌ مُستقبلية

“أيّها العُشاق، أحيّيكم
على الشواطئ المُستقبلية.”
جان سِناك/ هذه المدينة/ 1971

كلّما شاركتكِ التدخين على الشاطئ

(قبل أن يُغريكِ البحر بعبوره)

كنتُ وحدي من يُكملُ السيجارة إلى آخر خيطٍ

قبل أن أدفِن رأسها في الرمل

في حقل الظّل الصغير الذي تشكّل

بجانب جسدك

هكذا كمن يزرعُ نبتَة.

***

 

إصابة

 

المرآة العاكسة على يساري

كَسرَها مجهولٌ في موقف سيارات غير قانوني.

صارت تتدلّى بخيطٍ معدني

هو كل ما يربطها بالسيّارة.

في الحقيقة هي كتِفٌ مكسورة للاعب فوتبول،

لم يترك الملعب رغم الإصابة.

المرآة العاكسة على يميني

هي كتفي التي أُهاجمُ بها

سيفي الذي أخيفُ به الخصوم

حربتي القصيرة التي تطعنُ الهواء،

قبل أن أتقدّم.

يوقفُني شُرطي عند كل حاجز ليسألني عن مرآتي

فأكذب.

أستعين بحكايات لم تسمعها بزّته الرسمية من قبل

وفي كلّ مرّة أُغيّر الأسطوانة

حتى أقع على نفس الشرطي مرتين.

____________________________________

من مجموعة شعرية بعنوان “ضجر البواخر” صدرت أخيراً عن “منشورات المتوسط” في ميلانو.

*****

خاص بأوكسجين


شاعر من الجزائر. من مؤلفاته "ضجر البواخر"" 2016"