أنا مش بحلم ليه؟
العدد 217 | 11 آب 2017
محمد حسين


قبل عامين ونصف وأثناء اختبارات نصف العام، كان صديقي يحلم بلا انقطاع، ثم يسرد عليّ أحلامه الرمزية بدقة. كان يستغلق علينا فهم الرموز، فيضطر ليرويها لأمه.. الحق أن صديقي كان ينام محتضنا كتب تفسير الأحلام بدلاً عن الوسائد.

اندهشت -حين كان على وشك اجتياز منعطف فى حياته-  من قدرة واقعه على ترويض لا وعيه لينسج ذلك الكم الهائل من العوالم الرمزية الصغيرة.

كما أن أحلامه الكثيرة أثارت غيرتي خاصة أن آخر حلم حلمته كان منذ ثلاثة أشهر، وأنا أقرأ رواية “الصمت” عندما حلمت بالأب رودريجيز وإينوى سيد شيكوجو الماكر يجلسان إلى مائدة عامرة بألوان الطعام، ثم يبدآن فى الجدال بصوت هامس. أحسست بجفاف مخيلتي، الأمر الذى كان يدفعني لترديد ” أنا مش بحلم خالص” كثيراً أثناء مكالماتنا الهاتفية.

عندما كنت صغيراً لم أكن أتوقف عن الحلم بواجهات المساجد القديمة وجارتنا العجوز الميتة.حلمت أيضاً بنفسي وأنا أغمر ساحة أمام مسجد بالماء، وبإطلالة شمس تشرق من شرفة منزل خالي .كنت أخاف من الأحلام حين أتذكرها.  وأخاف من أحلام أمي التي لا تنتهي، المحملة برسائل من جدي وجدتي المتوفيين، وأحلام أختي بالشموع والحرائق والبيوت المهجورة والظلال . نصحني جاري بتلاوة بعض آيات القرآن قبل النوم حتى أتوقف عن التعاطي مع عالم الأحلام .

قبل عام كنا نتحدث أنا وأصدقائي عن الأحلام، فاتفقوا على أن معظمها جنسي، وأصرّ أحدهم على أنها تراوده دائماً وكأنه في حالة هياج لا تنتهي .

حتى الأحلام الجنسية لم يكن لي نصيب فيها. لم أحلم بشيء جنسي سوى مرة واحدة، كنت أسترق النظر من باب شبه مغلق إلى ممثلة من فترة سبعينيات القرن الماضي تمارس الجنس .. استيقظت بصعوبة لم أستطع التقاط أنفاسي وكأنني كنت محبوساً داخل الحلم .

تعاظم بداخلي الإحساس بجفاف المخيلة، كنت أزعق بداخلي “أنا مش بحلم ليه؟!” …

أنا متأكد من أنني أحلم في هذه الأيام لكنني لا أتذكر الأحلام. أرى الكتب فى المنام والمؤلفين والزملاء، لكنها أشبه بالشذرات وكأني مرهق لدرجة عدم تمكني من نسج أحلام أسردها من هذه الصور المبعثرة. أو أنني أحلم لكنني لا أتذكر لأنها  أكبر من أن يستوعبها عقلي أو أنها أشبه بحياتي اليومية وكأنها تشعرني أنها جزء منها.

أحيانا تشتعل بداخلي الرغبة فى التحشيش _ بيقولوا الحشيش بيسطل_ لكنى أردد في حسرة ” بس لو ما كانش مكروه” ..

أخبرني صديق أن الحشيش يجعل الواحد منا يطير  فى السماء وهو ما زال يمشي على الأرض، وأن الأمر يسير حسب المزاج، فأحياناً تغرق فى حزن بلا سبب حتى تبكي وتصرخ، وأحياناً تضحك على أتفه الأمور كأن ترى رجلاً مرتدياً بنطاله. أخبرني أيضا أنه قد تجاوز الحد لدرجة أنه كان يسأل عضوه عن سبب حزنه. وأخبرني أخي أن معظم المبدعين يدخنون الحشيش ويضعون جوز الطيب في الطعام دوماً ليضمنا نقاء أحلامهم.

صباح الأمس كنت أغفو كل عشر دقائق فتتدحرج رأسي على صدري كالكرة. أثناء غفواتي كانت تتبعثر تلك الصور وتترتب من تلقاء نفسها‘ ووسط كل ذلك رأيت فتاة أعرفها أُجبِرت على نسيانها، كانت ترسم، سألتها إن كانت تستخدم ألوان زيتية؟ مدت يدها بفرشاة نحو وجهى وهي تقول ” أها .. حتى ممكن ألون وشك ” ..

استيقظت بعدها. لم أكن خائفاً! بل على العكس كنت سعيداً، وتمنيت أن تكون تلك بداية استعادة عالم الأحلام…

*****

خاص بأوكسجين