أكشاك الحزن
العدد 243 | 02 أيار 2019
ريهام عزيزالدين محمد


صبيحة كل يوم أود النهوض من الفراش

هناك قائمة من المهام بانتظاري

حياة مصطنعة يتوجب عليَّ أن أنغمس بها

صبيحة كل يوم يتوجب عليَّ النهوض من الفراش

لكني لا أفعل

أحمل حاسوبي، امتداد ذراعي إلى العالم الخارجي

أنهمك في صياغة أسباب جديدة للغياب

كم أودّ أن يكون هناك عطلات محدّدة للحزن

يمكننا أن نخبر الآخرين بلغة رسمية رصينة عن أسفنا الشديد

لعدم تمكننا من الانتهاء من المهام المطلوبة

سنذيلها بعبارة

أنا فقط حزينة

صبيحة كل يوم أودّ النهوض من الفراش

ولكني لا أفعل

تبدو المسافة الفاصلة بيني وبين باب غرفتي

كقطار وجه قبلي يتعطل في طريقه إلى القاهرة ثماني مرات على الأقل

كل مرة يدلف إلى غرفتي شخص ليخبرني أنه يتوجب عليَّ النهوض

أخبيء وجهي تحت ركام أفكار تنخر عظامي كل ليلة

تبدو عيناي المثبتتان على أطراف أصابعي متماستان بالحياة

لكني

صبيحة كل يوم أودّ النهوض من الفراش

ولا أفعل

أودّ لو أخبرهم أن هيئة مرافق الحي قد أخطأت

وأرسلت عربتين ضخمتين لرصف ظهري

وأن هناك سائلاً أسود لا زال لزجاً يتخللني

لا يمكننا بالطبع أن نجرّم هيئة المرافق

فلنتركه يصنع طريقاً من أسفل ظهري إلى أعلى كتفي

يأتيني صوت أحبه

أخبره

إنني متعبة

البارحة انتهيت من صنع أكشاكٍ للحزن

نثرتها لأيام على الطريق إلى المستشفى

سيرتادها العابرون

بداخلها عصا خيزران ملونة رأسها حية تأكل ذيلها

سيُلبسون العصا جلباباً واسعاً فيبدون كخيال مآتة

يرمم عموده الفقري

بعصا خيرزان ابتاعها للتو من أكشاك للحزن

ثم يغادرون متأهبين للانخراط في طوفان بشري

العصا ستمنعهم من التساقط

ستمنحهم –لبرهة- صموداً واهياً

قبل أن يبحثوا عن كشك جديد للحزن

ليبتاعوا منه عصا جديدة وجلباباً أوسع

يغادرون

تاركين تعريفة تليق بهشاشتهم.

 

حين تسألني كيف حالك اليوم

سأخبرك

بأنني وفي صبيحة كل يوم أود النهوض من الفراش

ولكني لا أفعل

وأود الانتهاء من خريطة كاملة لأكشاك الحزن حول المدينة

وأني أتساقط

وأني متعبة

فيما عدا ذلك فإنني بخير

وأنا أكذب.

*****

خاص بأوكسجين


شاعرة من مصر.